الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

إسراء سبلاني.. «عروس بيروت» فرحة لم تكتمل

إسراء سبلاني.. «عروس بيروت» فرحة لم تكتمل
7 أغسطس 2020 01:21

رنا سرحان (بيروت)

حاولت الدكتورة إسراء سبلاني أن تتمسك ببارقة الأمل في ظل أوضاع كورونا، وأن تنير حياتها بزواج سعيد، تبدؤه من قلب بيروت، وعلى مسافة 500 متر من مكان الانفجار في المرفأ يوم الثلاثاء الماضي، حيث الفندق الذي ستدخل من خلاله القفص الذهبي.. ولكن الفرحة لم تكتمل لعروس بيروت التي تحول عرسها إلى مشهد مأساوي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي.

الدكتورة إسراء في التاسعة والعشرين من عمرها وتسكن في الولايات المتحدة الأميركية منذ العام 2013، وهي طبيبة صحة عامة، تخرجت من لبنان وسافرت إلى أميركا لمتابعة الدراسة، وتمت خطبتها عام 2017، وكانت بانتظار الإجراءات القانونية لأوراق زوجها التي تأخرت منذ عامين حتى اليوم، وبسبب عدم تمكنه من السفر إليها، قررا إتمام الزفاف في لبنان.
عروس الصدمة إسراء وصلت في 21 يوليو أي منذ أسبوعين إلى لبنان، بعد فتح المطارات تدريجياً في ظل تخفيف قيود جائحة كورونا. وإسراء، وزوجها أحمد صبيح، يحمدان الله في كل ساعة، على عدم إصابتهما أو المصور بأي أذى جسدي رغم تطاير الزجاج في أرجاء المكان، ورغم إصابة العديد مما كانوا حاضرين هناك بجروح بالغة أسالت دماءهم.

الفستان الأبيض
ومن مكان التصوير في ساحة الشهداء القريب أيضاً من الفندق ومكان الانفجار بدت إسراء متأثرة في لحظة كان يفترض أن تعيش فيها سعادة غامرة، حيث تقول لـ«الاتحاد»: «في ظل ما يتعرَّض له لبنان من أزمات مادية واقتصادية وصحية، بات من الصعب اتخاذ قرارات الزواج والارتباط، ولكن صممنا أنا وأحمد على مواجهة الصعاب وإعلان الزواج، وأن نعمل ما بوسعنا لنبقى سوياً، ونبدأ حياة مشتركة.. كان يوماً بدأته كعروس تجهز نفسها وتحقق حلمها بارتداء الفستان الأبيض، وتخرج للناس أميرة في يومها المنتظر، وتزهو بنفسها وتفرح قلب أهلها، وزوجها يشاركها ليلتها وسط هتافات وتصفيق المحبين. كنت في خضم هذا الشعور قبل لحظات من الانفجار، وبانتظار زفة العروس وسط فرحة الأهل مساء، ليتحول الشعور بالبهجة في لحظات إلى رعب وأنا أرى كل شي يتطاير من أمامي بعد سماع دوي الانفجار، وقلت عندها لنفسي: إسراء أنت تخسرين في هذه اللحظة حياتك، وتفقدين زوجك وتخسرين أحلامك معه وتتلاشى فكرة إنشاء أسرتكما سوياً، وكانت آخر أمنية في هذه الأجزاء من الثانية هي أن ألمس أيدي أهلي... وأودعهم الوداع الأخير».
رغم ما حصل من ويلات وعذاب في لحظات اقتربت فيها من الموت حاولت إسراء، بثوب زفافها الأبيض الطويل الذي تلطخ بالدم، أن تسعف الجرحى والمصابين، مؤدية رسالتها الإنسانية كطبيبة.

بين نارين
إن ما تعرضت له إسراء وزوجها أحمد جعلها مصممة على أن إعادة الأمل إلى قلبها واجب، حيث تقول عن ذلك: «ربما الخوف من عدم الأمان هنا وبناء مستقبل واعد لأطفالنا هو ما يجعلني أتمسك مجدداً بالذهاب إلى أميركا، وأعلم أن واجبي كلبنانية أن أتمسك بحبي للبنان، ومن غير الممكن التخلي عن الوطن، ولكن بعد هذه المأساة أصبحت بين نارين، فهل أعود إلى مسكني في أميركا وأترك زوجي إلى حين إصدار أوراقه القانونية؟، أم أبقى بين النار والرماد؟ لا أحد يعلم مرارة الشعور اليوم، ولكن يبقى الإيمان بالله هو الأهم، وما هو مكتوب للإنسان من مصيره سيأتيه».

الفندق المدمر
ولم تكن إسراء تتوقع ما حصل معها، وكأنها لم تصدق، ولذا ذهبت في اليوم التالي إلى مكان الحادث وإلى الفندق المدمر، حيث كان من المفترض أن تبدأ حياتها الأسرية، وأحست للحظة كأن المشهد يمر أمامها مجدداً، وحسب قولها: كان وسيبقى لديَّ إيمان قوي بأنه سيأتي ذلك اليوم الذي أشهد فيه لبنان الأجمل والأقرب إلى سويسرا الشرق.. لبنان، عرفته قوياً يقوم من تحت الركام دائماً، لن أفقد الأمل، مثل كثير من الشعب اللبناني.. سنبقى على حب الحياة وسنكون جنباً إلى جنب، ليكون لنا وطن قوي بروح الحب، ولنكمل حياة وهبنا الله إياها.

خدمة بلدي
واختتمت كلامها لـ«الاتحاد»: أقولها وعداً مني، أنا جاهزة خلال هذه الفترة لخدمة بلدي وشعبه من منطلق إنساني وطبي كي يقوم مجدداً، فأنا لم أترعرع في لبنان، وربما لم أعش فيه أياماً طويلة وجميلة، فقد عشت في المملكة العربية السعودية، وتلقيت فقط دراستي الجامعية في لبنان، ومن السعودية انطلقت للعيش في أميركا، ولكن لبنان بالنسبة لي موطني الأول والأخير الذي أعشقه وأغنيه مع فيروز «وطني... يا قمر الندي والزنبق... يا بيوت البيحبونا»، ودعت بالرحمة للشهداء وبالشفاء للجرحى في المستشفيات، ووجهت تعازيها لعوائلهم جميعاً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©