الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد.. رعاية تاريخية لـ«الشجرة المباركة»

زايد.. رعاية تاريخية لـ«الشجرة المباركة»
7 أغسطس 2020 01:42

إبراهيم سليم (أبوظبي)

أوْلَت دولة الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أهمية خاصة للشجرة المباركة، فقام، رحمه الله، بزراعة ملايين الأشجار في مختلف أرجاء الدولة، وأسس المزارع للمواطنين، وشجعهم على زراعة أشجار النخيل، إدراكاً منه بأهمية النخلة بصفتها جزءاً من الهوية الثقافية والتراثية لأبناء دولة الإمارات والخليج العربي، ورمزاً لارتباط الإنسان بالأرض، ومصدراً أساسياً للغذاء في مختلف الظروف. 
وأكد الدكتور عبد الوهاب زايد، أمين عام جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، لـ«الاتحاد» أن الشجرة المباركة حظيت في دولة الإمارات بعناية تاريخية من الوالد المؤسس، طيب الله ثراه، وأصبحت هذه العناية نهجاً من قبل القيادة الرشيدة التي جعلت من شجرة النخيل عنواناً للخير والنماء، مشيراً إلى أن الدول الصحراوية تواجه هاجس الأمن الغذائي لشعوبها، وتقوم بإعداد الخطط والاستراتيجيات لتوفير السلع الغذائية، كل حسب ظروفها المناخية والمائية والاقتصادية.

وقال الدكتور زايد: «تسعى دولة الإمارات بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لتعزيز الموقع الريادي في خدمة قطاع نخيل التمر على مستوى العالم، فوجّه صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بتأسيس جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي لتكريم وتقدير الجهود الدولية في مجال زراعة النخيل والابتكار الزراعي على المستوى الوطني والدولي، وتنظيم المؤتمرات الدولية التي من أهمها المؤتمر الدولي لنخيل التمر الذي تنظمه الجائزة في العاصمة أبوظبي كل أربع سنوات منذ أربعة وعشرين عاماً، بالإضافة إلى تنظيم مهرجانات دولية للتمور في عدد من الدول العربية (جمهورية مصر العربية، جمهورية السودان، المملكة الأردنية الهاشمية، الجمهورية الإسلامية الموريتانية...) والعديد من المشاريع التنموية التي شكلت رافعة اقتصادية للتمور في تلك الدول، بالإضافة إلى توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي علمنا في عبارته الشهيرة (لا تشلّون هم) بأن الأمن الغذائي بالإمارات خط أحمر، ورعاية ودعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، لقطاع نخيل التمر وإنتاج التمور بدولة الإمارات العربية المتحدة، ما أدى إلى تحقيق مستوى متقدم من الأمن الغذائي بالإمارات عن طريق الاحتفاظ بمخزون استراتيجي من السلع الغذائية، يكفي أكثر من الحاجات الاستهلاكية لسكان الدولة، ومن بين تلك السلع نجد أن تمور الإمارات تشكل الركيزة الأساسية في معادلة الأمن الغذائي بالإمارات، لوفرة التمور وجودتها وقيمتها الغذائية العالية، وسعرها المناسب في متناول شرائح المجتمع كافة، بالإضافة إلى سهولة تخزينها وتسويقها ونقلها إلى أي مكان، دون أن تتعرض للتلف، أو لنقص في قيمتها الغذائية».

نظام غذائي متوازن
وتساءل الأمين العام للجائزة: لماذا ينبغي لنظمنا الغذائية التركيز على الفاكهة والخضراوات غير المستغلة بالقدر الكافي؟ ويجيب: لقد باتت نظمنا الغذائية اليوم تعتمد اعتماداً كبيراً على عدد قليل جداً من المحاصيل، في حين أن أنواعاً وأصنافاً أخرى من المحاصيل المحلية مثل التمور بإمكانها تنويع ودعم أنماطنا ونظمنا الغذائية بالقيمة المضافة، بل في تحقيق نظام غذائي متوازن للإنسان.
وثمة الكثير من الحلول المتاحة، فالعالم اليوم يعيد النظر في الأنماط الزراعية التراثية والطرق التقليدية في حصاد الأغذية وإنتاجها، والتي أثبت الزمن صحتها. كما يجري تنشيط الثقافات واحترام قيمة الأغذية التي تم غض الطرف عنها لسنوات، أصبحت تحظى باهتمام جديد، ومنها على وجه الخصوص التمر.

استشراف المستقبل
وأضاف: لقد استحوذ الأمن الغذائي بدولة الإمارات العربية المتحدة على اهتمام كبير من القيادة الرشيدة، نظراً للتزايد السريع في عدد السكان والنمو الاقتصادي المطرد، إضافة إلى التغيرات المناخية التي تسببت بدورها في العديد من الكوارث الطبيعية، والتي تعد من الأسباب الرئيسة في انعدام الأمن الغذائي في كثير من دول العالم، ويأتي استحداث منصب جديد، وزارة الأمن الغذائي والمائي، هو الأول من نوعه على مستوى المنطقة، وخطة استباقية تستشرف المستقبل وما يعتريه من تحديات في هذا الخصوص، في محاولة لتعزيز الأمن الغذائي على المستوى الوطني، ومد جسور التعاون للقضاء على الجوع في العالم، وفق رؤية عالمية، وأجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030. وأكد الاهتمام الذي يوليه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس أمناء الجائزة، للتمور باعتبارها من بين أهم عناصر الدعم الغذائي والإنساني التي اعتمدتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مبادراتها الإنسانية في إغاثة الشعوب التي تتعرض لأزمات وكوارث طبيعية، وذلك مساهمة من الدولة في تحقيق الأمن الغذائي العالمي. 
وقال الدكتور زايد: «لقد استطاعت دولة الإمارات تحقيق الاكتفاء الذاتي من التمور منذ عقود مضت، بل تقوم بتصدير الفائض إلى مختلف دول العالم، كما جرى اعتماد التمور كسلعة أساسية، في معادلة الأمن الغذائي العالمي، من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)».

لجنة الأمن الغذائي
أكد الدكتور عبد الوهاب زايد أن الإمارات أوْلَت، منذ تأسيسها وحتى اليوم، اهتماماً بالغاً بالأمن الغذائي؛ لما له من تأثير إيجابي على مسيرتها التنموية، ففي العام 2008 تم تشكيل لجنة سُميت بلجنة الأمن الغذائي، تُعنى بتطوير واعتماد استراتيجية للأمن الغذائي، إضافة إلى بناء مخزون استراتيجي يُغطي إمارات الدولة كافة، وتمت ترجمة هذا الجهد في عام 2010، بإنشاء مركز الأمن الغذائي بأبوظبي، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويختص المركز بتطبيق هذه الاستراتيجية وتطوير منظومة الأمن الغذائي على مستوى الدولة، وذلك ضمن رؤية واضحة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي، من خلال استدامة إمدادات الماء والغذاء وإدارة المخزون الاستراتيجي، وتطوير سياسات وتشريعات متوازنة وخطط طوارئ وأزمات فعالة، والعمل على رفع الوعي المجتمعي، وفي أكتوبر 2017 انضمت معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة دولة للأمن الغذائي والمائي تشمل مسؤولياتها الإشراف على تطوير بنية تحتية ولوجستية ذات جودة عالية لتحقيق الأمن الغذائي، وبما يدعم أولويات ومستهدفات «مئوية الإمارات 2071».

هلال الكعبي: 5 أسباب جعلت التمر جزءاً من مستقبلنا الغذائي
حول الأسباب التي تجعل من التمر جزءاً لا يتجزأ من مستقبلنا الغذائي، قال الدكتور هلال حميد ساعد الكعبي، عضو مجلس الأمناء، المسؤول الإداري والمالي بالجائزة: «هناك خمسة أسباب أساسية تجعل من التمر جزءاً لا يتجزأ من مستقبلنا الغذائي، وهي على النحو التالي:

التمر مغذٍ 
إن التمر غني بالكثير من المعادن مثل الحديد والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم، ويشكل مصدراً جيداً للألياف. كما أنه غني بالسعرات الحرارية، ما يجعله مصدراً مهماً للطاقة. ويعد التمر، بفضل طعمه الحلو، بديلاً جيداً للسكريات المكررة. يساعد الناس على اتخاذ خيارات صحية بدرجة أكبر. وإن أغذية من قبيل التمر المجفف، الذي يمكن الاحتفاظ به لشهور عديدة، خير مثال على بديل مغذٍ سريع. كما أن طول مدة صلاحيته تساعد على التقليل إلى أدنى حد من الفاقد من الأغذية.

إمكانات غير مستغلة 
لقد باتت نظمنا الغذائية اليوم تعتمد اعتماداً كبيراً على عدد قليل جداً من المحاصيل. 8 منها فقط من أصل 6000 نوع نباتي مزروع، توفر أكثر من 50 في المائة من السعرات الحرارية التي نستهلكها يومياً. وفي ظل تغير المناخ الذي يجعل إنتاجنا الغذائي أكثر هشاشة، لا يمكننا الاعتماد على عدد قليل من المحاصيل لإطعام سكان يتزايد عددهم باستمرار. وهناك كم كبير من المحاصيل التقليدية المغذية جداً التي تتأقلم مع الظروف المحلية، وتتمتع بالقدرة على الصمود أمام تقلبات المناخ. هنا نجد الأهمية المتزايدة لتنوع النظم الغذائية ودعمها بالمغذيات التي نحتاج إليها، مثل التمور، للعيش حياة مفعمة بالصحة. فالتمر أصبح سلعة معروفة في الكثير من أنحاء العالم، خصوصاً في المنطقة العربية.

ثقافة وتراث طويل الأمد 
يُزرَع نخيل التمر في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أكثر من 5000 سنة. وكانت هذه الثمار تعني، بفضل المغذيات والسعرات الحرارية التي توفرها، الأمن الغذائي للسكان الذين يعيشون في الصحارى وغيرها من المناطق الجافة حول العالم. فالتمور بصفتها منتجاً غذائياً زراعياً يمثل، كغيره من الأغذية، جزءاً مهماً من الثقافات والهويات التراثية في دول العالم كافة، حيث بادرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى وضع برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية (جياس) لمكافأة مواقع حول العالم تتميز بالحفاظ على تقاليد لزرع وحصاد أغذية فريدة ومتأقلمة بشكل جيد مع الأحوال المناخية والمناظر الطبيعية المحلية، من بينها زراعة النخيل وإنتاج التمور، ويظهر ذلك جلياً في واحات العين وليوا التي نالت شهادة جياس عام 2015، باعتبارهما أحد هذه النظم ذات الإرث الإنساني الزراعي العالمي، وتظهر مهارة وإبداع المزارع الإماراتي في تكييف الزراعة مع الظروف الصعبة السائدة.

تحمل الظروف البيئية الصعبة
على الرغم من ندرة المياه في الدول كافة، المنتجة للتمور في العالم، فإن شجرة نخيل التمر ما زالت تنمو في المناطق ذات المناخ الحار والقاحل، وهي تتمتع بالقدرة على تحمل المياه المالحة. وتسمح لها هذه الخصائص بالنمو وتوفير مصدر غذائي، حتى في ظل ظروف بيئية صعبة، مثل الصحارى.

يتحمل ظروف التخزين  
تتميز التمور بسهولة تخزينها، وتسويقها، ونقلها إلى أي مكان، دون أن تتعرض للتلف، أو لنقص في قيمتها الغذائية، لذا نجد أن التمور تعد من بين أهم عدة خيارات لتحقيق الأمن الغذائي. لقد آن الأوان لإعادة النظر في نظمنا الغذائية، والتركيز على المحاصيل غير المستغلة بالقدر الكافي عالمياً مثل التمور.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©