مجدَّداً تؤكد دولة الإمارات ريادتها وتميُّزها ومتانة اقتصادها، وقدرته على الصمود في وجه أعتى التحديات وأشد الأزمات وتجاوزها والتعافي منها، ومنعها من التأثير في أي جانب من جوانب الحياة بالدولة، وفي كثير من الأحيان من غير أن يشعر الإنسان الذي يعيش على أرضها بأي انعكاسات أو تأثير لما يجري، سواء كان إقليمياً أو عالمياً على مستوى معيشته، أو ما تقدمه إليه الحكومة من خدمات. 
وأقرب مثال على هذا التميز يتجلَّى من خلال أداء المؤسسات في دولة الإمارات خلال الأزمة التي تسبب بها انتشار فيروس «كورونا المستجد»، وكانت من بين الأقل تضرُّراً على المستوى العالمي من الآثار الناجمة عنها، التي طالت مختلف جوانب الحياة، وألحقت خسائر فادحة بمختلف جوانب الحياة الاقتصادية لا تكاد تنجو منها أي دولة من دول العالم، بل أجبرت معظم الدول على مراجعة ميزانياتها، وتقليص نفقاتها، وإلغاء الكثير من المشروعات التي كانت تخطط لتنفيذها بسبب تراجع التمويل، واضطرارها إلى المفاضلة بين ما يتوافر لديها من سيولة لتغطية أولويات استجدَّت بعد انتشار الوباء، ومنها تدعيم أنظمتها الصحية، وتوفير المستلزمات التي تدعم جهود مكافحته، فيما ألغت دول امتيازات وخدمات كانت تقدمها إلى مواطنيها، وأضافت المزيد من الأعباء المادية على كاهلهم، لتتمكَّن من الوفاء بالتزاماتها.
وفي دولة الإمارات استمرت الحياة على طبيعتها، ولم يشعر المواطن أو المقيم بتأثير الظروف المستجدة إلا في أضيق الحدود، وفي إطار الإجراءات الوقائية والاحترازية التي استهدفت حمايته من تهديد المرض، فيما ظل مستواه المعيشي من بين الأفضل على مستوى العالم، واستمرت الخدمات التي تقدّمها إليه الدولة في التطور والرقي، وتجويد نوعيتها نحو مستويات تلبي طموحاته، بل تتجاوز في كثير من الأحيان توقعاته، وكانت العودة إلى الحياة الطبيعية سريعة وسلسة ومصحوبة بنجاحات حكومية متتالية في مواجهة المرض وتحجيمه، وهو ما أسهم في نشر الطمأنينة، وتعزيز الثقة بالإجراءات الحكومية، وبالطريقة التي تدار بها الأزمة، وبالتالي استمرار نمو الاستثمارات وتدفُّقها على الدولة واستقرارها فيها.
ولم يتأثر الإنفاق الحكومي في الدولة، وحافظ على مستواه وفقاً لما هو مقرر في موازنة 2020، حسبما أكدته وزارة المالية التي أعلنت الاستمرار في تنفيذ جميع المشروعات الحكومية الرأسمالية المعلَنة لعام 2020، وأن تنفيذ المشروعات الحكومية لن يتأثر بانخفاض الإيرادات الحكومية بسبب جائحة «كورونا المستجد»، حيث يتم العمل على تنفيذ المشروعات وفقاً للخطة المعتمَدة، بدعم من الملاءة المالية الكبيرة للدولة.
وتُظهر بيانات الوزارة، التي نشرتها في إطار تأكيدها متانة الأداء الاقتصادي الحكومي، أن مخصص الإنفاق على المشروعات الحكومية الاتحادية خلال النصف الثاني من عام 2020 يبلغ نحو 2.9286 مليار درهم، في حين تم تنفيذ مشروعات بقيمة 2.38 مليار درهم بنسبة 44.8% في النصف الأول من العام، من إجمالي المشروعات المعتمَدة في موازنة هذا العام، البالغة قيمتها الإجمالية 5.3089 مليار درهم.
صحيح أن إجراءات الإغلاق والحظر، وتوقف حركة السياحة والطيران، وتجميد الرسوم على العديد من الخدمات، وغير ذلك من الإجراءات التي فرضتها جائحة «كوفيد-19» قد أدت إلى انخفاض الإيرادات الاتحادية، ولكنَّ ذلك لم يؤثر في خطط تنفيذ المشروعات الحكومية، وهو إنجاز لم يكن ليتحقق لولا توافر العناصر التي تحدُّ من تأثيرات العوامل الداخلية والخارجية في مسار العمل الحكومي، وفي مقدّمتها الملاءة المالية الكبيرة للدولة، ومتانة الاقتصاد الوطني، والدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة، وحرصها على إنجاز المشروعات الحكومية وفقاً للخطط المعتمَدة، ثم منهج التخطيط الاستراتيجي البعيد المدى الذي تتبناه حكومة دولة الإمارات منذ مدة طويلة، وانعكس على جوانب الأداء في المؤسسات الحكومية كافَّة، ومكَّن الدولة من مواصلة مسيرتها التنموية بنجاحات باهرة شهد لها القاصي والداني، وجعلتها مثار إعجاب العالم أجمع.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.