يلعب الإعلام دوراً مهماً في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيزها، حيث يعد قوة فاعلة ومؤثرة في التعبير عنها وفي تحديد ملامحها وعناصرها ومقوماتها، ومن ثم في تشكيلها وتعزيزها وتعميقها ونشرها في عقول الأجيال المتعاقبة وقلوبهم. وبقدر ما يؤثر الإعلام في الهوية الوطنية، فإنه في المقابل يتأثر بمكونات هذه الهوية ومفرداتها ومقوماتها، ما يجعل العلاقة بينهما علاقة تفاعلية يتأثر خلالها كل طرف بالآخر ويؤثر فيه.
وقد كانت قضية الهوية الوطنية، ولا تزال، محور اهتمام القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي بادرت منذ إعلان قيام دولة الاتحاد في 2 ديسمبر 1971، إلى العمل من أجل بلورة هوية وطنية، جامعة، شاملة، تضم بين طياتها مكونات دولة الاتحاد كافة، وقد كان الإعلام الوطني إحدى الأدوات الرئيسية والمهمة في هذا الصدد، حيث بذلت مختلف وسائل الإعلام في هذه المرحلة جهوداً حثيثة لبلورة هوية وطنية إماراتية تستطيع أن تكون عاملاً مهماً، يسهم بشكل فاعل في انطلاق مسيرة دولة الاتحاد نحو تحقيق أهدافها المنشودة. 
ولم يتوقف دور الإعلام في المساهمة في بلورة الهوية الوطنية الإماراتية، وإنما استمرت جهوده من أجل تعزيز هذه الهوية لدى مختلف الأجيال، حيث عمل دائماً على ربط المواطن بواقعه، وعلى تعزيز القيم الإيجابية، واستنفار الطاقات وتقديم القدوة الحسنة والنموذج، وتعريف الأجيال، ولاسيما الجديدة منها، بتاريخ وطنها وبالجهود التي بذلها الآباء المؤسسون من أجل هذا الوطن، بالإضافة إلى حرصه على غرس روح المسؤولية لديهم، بما يجعلهم حريصين على أن يكونوا في خدمة هذا الوطن، وعلى أن يبذلوا الغالي والنفيس من أجل رفعته وتقدمه.
ولا يزال الإعلام يلعب دوراً مهماً، وربما صار الدور الأهم، في تعزيز الهوية الوطنية الإماراتية، من خلال العديد من الأدوات، التي يعد من أبرزها في هذه المرحلة، تسليط الضوء على الإنجازات والإسهام في مواجهة التحديات، ولعل النموذجين الأبرز على ذلك يتمثلان في الدور الذي لعبته وسائل الإعلام الإماراتية بمختلف أنواعها في تغطية رحلة «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ، وفي دعم جهود الدولة في مواجهة أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). 
وبشكل أكثر توضيحاً، فإن تغطية الإعلام الإماراتي لرحلة «مسبار الأمل» إلى المريخ، شكلت نموذجاً مهماً للدور الذي يلعبه الإعلام في تعزيز الهوية الوطنية من خلال تسليط الضوء على الإنجازات الوطنية العظيمة. فقد أسهمت هذه التغطية المتميزة لهذا الحدث التاريخي، والحرص على نقل صورة دقيقة وكاملة عنه إلى مختلف شرائح المجتمع، في تعزيز الهوية الوطنية؛ إذ كان من شأن هذه التغطية أن تعلي من شعور المواطنين، بل والمقيمين أيضاً، بالفخر والانتماء لهذا الوطن الغالي الذي يحرص على أن يكون بين الأمم المتقدمة والعظيمة التي تسهم في خدمة البشرية وتطورها.
وبالإضافة إلى ذلك، يعد الدعم الذي يوفره الإعلام الإماراتي لجهود الدولة في مواجهة أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد، نموذجاً آخر على الدور الذي يلعبه الإعلام في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال الإسهام في مواجهة التحديات، حيث ساعدت التغطية الإعلامية المتميزة، في إبراز الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة في مواجهة الأزمة، بهدف حماية المواطن والمقيم ومنع انتشار الفيروس في المجتمع، الأمر الذي أسهم بصورة مباشرة في تعزيز ولاء المواطن وانتمائه لوطنه، وهو ما ينعكس في دعم الهوية الوطنية وترسيخها في نفوس المواطنين. كما برز دور الإعلام خلال الأزمة من خلال عمله على تعزيز روح المسؤولية لدى المواطن، ما جعله حريصاً على الالتزام بالإجراءات الحكومية المتخذة في مواجهة الأزمة، الأمر الذي خلق روحاً جماعية إيجابية في المجتمع، انعكست بشكل واضح في تحصين الهوية الوطنية وترسيخها.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.