اتجهت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اعتماد استراتيجية في الطاقة النظيفة، هدفها الرئيسي حماية الموارد الطبيعية والمناخ، وتأمين حاجات أفراد المجتمع من مصادر طاقة آمنة ومستدامة، من خلال توفير بدائل للطاقة تسدُّ احتياجات التطور الاقتصادي والتنامي السكاني الكبير، باذلةً جهوداً كبيرة في سبيل تحقيق أقصى فاعلية للطاقة المتوافرة، وتوظيف الطاقة البديلة والنظيفة، كالطاقة النووية والشمسية وطاقة الرياح، وتعزيز حياة خضراء وصديقة للبيئة، حيث جاءت «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050» سعياً إلى إيجاد مزيج من الطاقة المتجددة والنووية والأحفورية النظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية.
وانسجاماً مع تلك الرؤى كلها، ولتحقيق الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة النظيفة في دولة الإمارات، أعلنت شركة «مياه وكهرباء الإمارات» فوز الائتلاف الذي تقوده شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» بتطوير محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، المحطة الكبرى لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم، بقدرة تصل إلى 2 جيجاوات من الكهرباء، بمنطقة الظفرة، حيث ستوفّر المحطة الكهرباء لنحو 160 ألف منزل في الدولة، بحيث تبدأ المحطة مرحلة الإنتاج الأوليّ في النصف الأول من عام 2022، وتصل إلى طاقتها الإنتاجية الكاملة في النصف الثاني من العام نفسه.
إن ائتلاف «طاقة» الذي يضم كلاً من: شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، والشريكين «إي دي إف»، و«جينكو باور»، سيجعل المحطة تسهم، بحسب التوقعات، في خفض الانبعاثات الكربونية لإمارة أبوظبي بأكثر من 2.4 مليون طن متري سنوياً، ما يعزز تنويع النهج المتَّبَع في تأمين إمدادات الكهرباء، ومواصلة تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية في إحداث تحول إيجابي في مجال إنتاج الماء والكهرباء، وتطوير قطاع للطاقة منخفضة الكربون في دولة الإمارات عموماً، وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص، الأمر الذي سيشكل علامة فارقة في قطاع الطاقة الوطني، ويعزز من التقدم الذي تحرزه الدولة في سعيها نحو تحقيق أهدافها الطموحة في قطاع الطاقة المتجدّدة.
لقد أسست دولة الإمارات لنفسها منهجية واضحة وأهدافاً استراتيجية في أمن الطاقة الوطني والإقليمي والعالمي، وذلك بإقرارها مجموعة من مشروعات الطاقة النظيفة التي تتسم بالاستدامة والفاعلية، وخاصة في مجال الطاقة الشمسية، التي تلبي تزايد الطلب على الكهرباء والمياه بشكل مطَّرد، وخاصة أن معدل استهلاك الفرد من الكهرباء والمياه في الدولة يعدُّ من أكبر المعدلات في العالم، حيث يستخدم سكان الدولة يومياً نحو 550 لتراً من المياه، ومن 20 إلى 30 كيلووات في الساعة من الكهرباء، فيما يصل المعدل الدولي إلى ما بين 170 و300 لتر من الماء، و15 كيلووات من الكهرباء يومياً، بحسب تقرير حالة الطاقة في دولة الإمارات 2015.
وحرصاً على تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة بتنويع مصادر الطاقة، لاعتبارات مناخية وتنموية، فإن الاعتماد على الطاقة النظيفة بات ضرورة قصوى وأولوية رئيسية في تحقيق طموحات الدولة إلى الريادة والتقدم المنشودين، ففضلاً عن النجاحات اللافتة للنظر في مجال إنتاج الطاقة من الرياح، وإنتاج الطاقة النووية السلمية، فإن الطاقة الشمسية تعدُّ مصدراً ثانياً للطاقة الكهربائية التي يتم إنتاجها في دولة الإمارات، لكون هذا النوع يصنَّف بأنه أكثر مصادر الطاقة النظيفة توافراً، نتيجة تمتُّع الدولة بأيام مشمسة معظم أيام السنة، ما جعل الشمس تتحول بديلاً مثالياً لتوفير طاقة متجددة ومستدامة، وذات تكلفة تنافسية، فمحطة «شمس 1» في أبوظبي خير مثال على المشروعات المميزة التي تولّد الطاقة الكهربائية من حرارة الشمس، وليس من ضوئها، وتسهم في تنويع مصادر الطاقة، وتقلل من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي أُعلِن عنه، ويُعَدُّ أكبر مشروعات الطاقة المتجددة في العالم بموقع واحد، بمساحة 4.5 كيلومتر مربع، في منطقة سيح الدحل، وغيره العديد من المشروعات التي وضعت بصمتها في مجالات الطاقة المتجددة. 

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.