أمرَنا دينُنا الحنيف بالتفاؤل وقال (بشروا ولا تنفروا). ورغم قساوة ومرارة ما حصل للعالم من أزمة طبية مقلقة، فإن دولنا الخليجية والعربية، كانت أقل ضرراً من غيرها، خاصة البلدان التي عانت من ضحايا بأعداد كبيرة، وإصابات مخيفة وإحصائيات مرعبة بسبب جائحة كورونا، التي منعت معظم شعوب العالم من تقاليد وعادات شعبية.
وتأتي مناسبة عيد الأضحى المبارك هذا العام في ظروف استثنائية غير مسبوقة، فهذا العيد الكبير يمر على المسلمين والعالم أجمع، ونحن نرتدي الكمامة الطبية، في بيت الله الحرام ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وكذلك في مساجدنا ومنازلنا، وذلك ضمن الحذر والتباعد الجسدي الصارم، في هذه المناسبة السعيدة، التي يتبادل خلالها الأهل والأقارب والأصدقاء التهاني، وتشيع خلالها أجواء تصالحية، لأنها أيام نفحات إيمانية وروحانية. 
المجتمع الخليجي العربي المسلم، ظل محافظاً على عاداته وتقاليده وسلوكه الاجتماعي الحميد، لكن ينبغي الالتزام بالإجراءات الاحترازية حرصاً على سلامة الجميع. 
ورغم الكمام فمجتمعاتنا قلوبها عامرة بالإيمان، فعادت أصوات حجاج بيت الله الحرام تصدح ملبية النداء العظيم الموحد، وهم يدعون أن الله قادر على إبعاد الغمة عن هذه الأمة، وطافوا في المشاعر المقدسة، ووقفوا على صعيد عرفات بكل يسر وراحة ومرونة وتسهيل، ملتزمين بالاحتياطات الواجبة والضرورية والإرشادات الصارمة.
وظلت الناس ينحرون الأضاحي ويتبادلون التهاني من خلف الكمام بقلوب عامرة بالإيمان. 
هذه المناسبة السعيدة تمر والناس تتبادل التهاني والتبريكات، وهم متفائلون وواثقون بقدرة الله عز وجل أن تمر هذه الأزمة بسلام، وأن يتخطونها إلى يوم غد أفضل، وهذا التفاؤل مرتبط بالإيمان الصادق، وأيضاً بإمكانات دولنا الخليجية التي سخرت كل قدراتها في إدارة الأزمات، واستنفرت كل الهيئات والمؤسسات المعنية لحماية مواطنيها والمقيمين والحفاظ على أرواحهم من هذا الوباء القاتل، بل ضربت وأثبتت دولنا الخليجية، أنها على قدر المسؤولية في هذا التحدي الصعب، خاصة وأنه يُعرض أرواح الناس للتهلكة. انبهر الجميع من خلال ما شاهدناه من مبادرات كريمة، وما رصدناه من استعدادات ضخمة واستنفارات كبيرة، ونماذج تطوعية ملهمة، هدفها أولاً وأخيراً التصدي لهذه الجائحة المستجدة والغربية، التي عجزت عن معالجتها دول كبيرة وبلدان عظمى، بعضها كاد أن يعلن إفلاسه وعجزه عن معالجة هذا الفيروس عابر القارات، وقد سمعنا تصريحات سلبية من بعض زعماء وقادة دول كبرى، يحذرون ويعلنون عجزهم واستسلامهم عن محاربة هذا الوباء، وذلك على عكس قادة دولنا الخليجية، الذين صمدوا وأثبتوا قدراتهم واستطاعوا إدارة الأزمة بشكل شجاع وحكيم، بل نجحوا نجاحاً مبهراً في التصدي للأزمة والتصرف بطريقة سليمة من أجل إدارة الأزمة الحالية والتعايش معها بكل حكمة واقتدار وتفان وحنكة، ولنا في حكومة أبوظبي قدوة حسنة، فشاهدنا كيف تصدت لهذه الجائحة بشكل مدروس ومتقن وحرفي ومهني وفني عالي الجودة. وهذه كله بشهادة التقارير العالمية المعنية بالأزمات الطبية، التي أعجبت وأثنت على الأداء المبهر والتصرف السليم والسريع والتقني الطبي في أبوظبي وفي جميع مدن دولة الإمارات العربية المتحدة.
ونقول (رب ضارة نافعة)، والدول لا يبرز فيها الإنجاز إلا عند الحاجة والشدائد والأزمات.. اللهم أبعد عننا المآسي والكوارث، لكي تستمر دولنا الخليجية وتصمد كي تُفرح الأصدقاء وأيضاً تبهر حتى الأعداء، وتسير دوماً على طريق العطاء الكبير والنماء المتجدد، وتستمر في تميزها بكافة المجالات. وكل عام وانتم بخير، وكل عام وأنتم أصحاء سالمين غانمين من كل مرض وداء ووباء. 
*كاتب سعودي