يقف حجاج بيت الله الحرام، اليوم، على صعيد عرفات الطاهر في الركن الأعظم من الفريضة التي تقام هذا العام في ظل ظروف استثنائية وتدابير وإجراءات غير معهودة جراء جائحة كورونا تنفذها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، ولقيت كل الدعم والتفهم والتأييد من الدول والشعوب الإسلامية، لأنها جاءت انطلاقاً من حرص رفيع ومسؤول للحفاظ على حياة وأرواح ضيوف الرحمن الذين كانوا يفدون بأعداد مهولة من كل فج عميق.
يقفون اليوم على ذات الصعيد الطاهر في مشهد يتجدد لوحدة المسلمين والبشر من كل لون وعرق، لا فرق بين غني وفقير أو عربي وأعجمي.
 يقفون خاشعين متضرعين للخالق عز وجل في ذات المكان الذي رسم فيه خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول دستور للمسلمين، حدد العلاقة بينهم ومع الآخرين، وحيث أكد -عليه الصلاة والسلام- «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا»، و«من كانت عنده أمانة فليؤدِّها إلى من ائتمنه عليها». و«إنما المؤمنون إخوة، فلا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه». و«اتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً». و«أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلُّكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى».
قواعد من حسن خلق المسلم والتعامل بين البشر وحفظ النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، نستعيدها ونحن نتابع ما يجري حولنا من أعمال المجاميع الإرهابية المتاجرة بدين الحق، وتلصق ممارساتها الإجرامية الدموية بديننا الحنيف. خاصة وأن لديهم دعاة الفتن والشرور ومفتي الإرهاب الذين يزينون أعمالهم، ويبررونها باسم الدين، مثل الصلابي مفتي الدم في ليبيا الذي أفتى بقتل جنود الجيش الوطني الليبي، فتوى لا علاقة لها بديننا السمح، ولكنها فتاوى «إخوان الشياطين» الإرهابية الضالة المستعدة للتحالف مع الشيطان من أجل مآربها وغاياتها الدنيئة.
علماء المسلمين واتحاداتهم ومجالس الإفتاء الشرعية مدعوة لكشف هذه النوعية الشريرة من «مفتي الضلالة»، وأنه لا صلة لهم من قريب أو بعيد بالأسس المحمدية التي دعا إليها نبي الرحمة من فوق جبل الرحمة قبل أكثر من 1400 عام خلت.