جاء قرار شركة «تويتر» بتوقيع عقوبة على ابن الرئيس الأميركي، «دونالد ترامب جونيور»، ومنعه من التغريد على الموقع لمدة 12 ساعة، بسبب نشره فيديو يدعم استخدام عقار «الهيدروكسي كلوروكوين» كعلاج لفيروس «كوفيد-19»، ليلقي الضوء مرة أخرى على وباء الادعاءات الخاطئة والمضللة، الذي صاحب وباء فيروس كورونا منذ ظهوره. فهذا العقار الذي كان محل آمال كبيرة قبل وقت ليس ببعيد، وظل الرئيس الأميركي من أهم داعميه، أثبتت الدراسات السريرية عدم فعاليته، بل خطره على من يتعاطاه، مما دفع بالمراكز الطبية التي كانت تجري الأبحاث عليه إلى وقفها، حتى قبل اكتمالها. لكن ظل عدد كبير من البشر، أغلبهم من مؤيدي الحزب الجمهوري، حزب الرئيس ترامب، يؤيدون تعاطي هذا العقار، رغم خطورته وعدم فعاليته، ودون دليل علمي واضح.
وبعيداً عن هذا العقار، تظل المشكلة الأكبر هي وباء الادعاءات الخاطئة، الذي رافق وباء فيروس كورونا، وبلغ في بعض الحالات درجة النصب السافر، وربما تعمُّد الأذى مع سبق الإصرار من أصحاب النفوس الضعيفة. ومما ساعد هؤلاء الثورة الهائلة التي حدثت في وسائل التواصل الاجتماعي، بمنصاته وأشكاله المختلفة، والتي وقع فريسة لها الكثير من السذج ذوي العقول والثقافة القاصرة، والذين يصنفون «البوستات» على الفيسبوك كمصدر موثوق فيه للأخبار والمعلومات.
ولن يتسع المقام هنا لتفنيد جميع الادعاءات والأكاذيب المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بدايةً، نذكّر بأنه لا يوجد حتى الآن أي عقار أو دواء، هيدروكسي كلوروكوين أو غيره، يمكنه علاج كوفيد-19، أو تحقيق الوقاية منه. والمتوفر حالياً، والذي ثبتت فعاليته هو فقط عقار الديكساميثازون، والذي لا يعالج الفيروس، وإنما فقط يقلل من ردة فعل جهاز المناعة المعروفة بالعاصفة المناعية، والتي قد تسبب ضرراً أكبر من الفيروس ذاته. بمعنى أن هذا العقار لا يعالج الفيروس، وإنما يجنب المصابين به، والذين تتطلب حالتهم غالباً الدخول إلى المستشفى والحجز في قسم العناية المركزة، أهم المضاعفات الخطيرة للمرض.
العقار الآخر ذائع الصيت في هذا المجال، أي «الرمديسيفير»، لا يمكنه هو أيضاً علاج المرض، أو تحقيق الوقاية من الإصابة به، وكل ما في الأمر أنه حصل على موافقة استثنائية بالاستخدام الطارئ، كونه يعتقد أنه يقلل من طول فترة النقاهة، وهو المحتمل، وإن كان غير المؤكد، ولذا، فقد اقتصرت الموافقة الاستثنائية في الولايات المتحدة على استخدامه مع المرضى المحجوزين في المستشفيات. ورغم أن العديد من طائفة الأدوية المعروفة بمضادات الفيروسات، تخضع حالياً للأبحاث والدراسات، فإن آمال العلماء والأطباء معلقة فقط على تطوير تطعيم فعال وآمن، وهو ما لن يصبح متوفراً قبل منتصف العام القادم، حسب أكثر التوقعات تفاؤلاً. 

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية