اليوم هو التاسع من ذي الحجة أو يوم عرفة كما يُسمى، ومع اختلاف أسباب اختيار هذا الاسم، إلا أن الكثير من الآراء تلخص سبب التسمية بالمعرفة، وهي في تصوري نقطة أساسية في جوهر هذا الدين، الذي نزلت أول آية فيه تحمل مفتاح المعرفة الإنسانية الخالد، والذي يتلخص حول كلمة «اقرأ»، والسؤال المحوري في هذا اليوم هو: هل عرفت دينك أيها المسلم؟
من فضل الله علينا، أننا نشأنا في مجتمع مسلم، وتربينا في أُسر مسلمة، وتشربنا معاني الإسلام بالممارسة العملية، لذلك أضحى بعضنا لا يعرف النعمة، التي هو فيها أن اجتباه الله بين كل البشر وحباه هذه المنزلة، فكما يُقال إن السمكة لا تبصر الماء الذي تسبح فيه، فلله الحمد والمنة على هذه النعمة، لكن هل هذا يكفي لمعرفة هذا الدين الجميل! للأسف الشديد تم تشويه صورة هذا الدين الحضاري عبر ممارسات شاذة، قام بها بعض من انتمى للدين الإسلامي، دون أن يكون له نصيب مع المعرفة الحقيقية بهذا الدين، كما أسهمت قوى خارجية في خلق صورة افتراضية عن التدين، عندما ربطته بالإرهاب والتطرف، «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ».

أول معرفة واجبة على المسلم، هي وحدانية الخالق سبحانه وتعالى وتنزهه عن الشريك، لذلك نجد المسلم في حجه يردد «لبيك لا شريك لك لبيك»، الشركُ ظلم كبير للخالق سبحانه وتعالى، فكيف يستوي في عقل الإنسان أن تشرك خالقك بغيره، مما لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، سواء كان الشريك جماداً كالحجر أو بشر، جاء في وصايا لقمان لابنه وهو يعظه:«لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ».

ثاني المعارف المرتبطة بالإسلام أن التشريع ختم بموته عليه الصلاة والسلام، لذلك نجده صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة يكرر على الصحابة «ألا هل بلغت اللهم فاشهد»، ومقتضى ذلك الأمر أنه من جاءك بعبادة جديدة يريد إضافتها للإسلام، فكأنه يقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكمل رسالته، وهذا رد لقوله تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، العاقل هو من يرفض البدع، التي أضافها البعض للإسلام، فصارت طقوساً تمارس كأنها جزء من التشريع، فهل عرفت؟

ثالث المعارف، أن الرسول عليه الصلاة السلام خلال خطبة يوم عرفة في السنة العاشرة من الهجرة، أكد على كليات من المحرمات، ينبغي أن ينتهي عنها المسلم، ومن أهمها الدماء، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»، وأكد كذلك على حرمة الأموال والأعراض.

وأخيراً، جاء الحج كي يتعلم الناس المساواة بينهم، فرغم اختلاف الألوان والأحساب والأعراق والجنسيات، كلنا لآدم وآدم من تراب، وجمال هذا الدين يتلخص في حسن العلاقة مع الناس على اختلافاتهم، فما يجمعنا أكبر مما يفرقنا وأوسع باب لدعوة الناس، حسن الخلق، فما أحوجنا كمسلمين في هذه الأيام المباركة أن نعود كي نتعرف على ديننا، وكل عام وأنتم بخير.. عيدكم مبارك. 
*أكاديمي إماراتي