انطلاقاً من توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بالتيسير على مواطني الدولة، جاء قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، الاثنين الماضي، صرف قروض سكنية، وإعفاء متقاعدين من ذوي الدخل المحدود من سداد مستحقات القروض السكنية، بقيمة إجمالية بلغت 2.78 مليار درهم. ويشير القرار إلى حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تخفيف الأعباء عن مواطنيها عموماً، وعن المتقاعدين بصورة خاصة، حيث تحرص القيادة الرشيدة على تحسين أوضاعهم وتعزيز حقوقهم، وتوجِّه مختلف مؤسسات الدولة إلى تقديم المبادرات التي تراعي احتياجاتهم، وتوفير أفضل الظروف التي تضمن لهم سبل الحياة الكريمة.
وتمثل خطوة إعفاء المتقاعدين من ذوي الدخل المحدود من القروض السكنية حلقة من سلسلة طويلة من التسهيلات المُقدَّمة إليهم. ففي السياق نفسه أُعفي 429 متقاعداً، في بداية فبراير الماضي، من سداد القروض السكنية بقيمة إجمالية تبلغ 444 مليون درهم، لتعزيز استقرارهم الأسري ورفاهيتهم، وإزاحة كل الأعباء التي قد تثقل كاهلهم. والتسهيلات المتوالية في القروض السكنية هي مجرد نموذج يتكرر في مجالات وقطاعات أخرى، تهدف جميعها إلى تمكين المتقاعدين ورعايتهم بالصورة المثلى. 
ويأتي تكريم الدولة المتقاعدين وحرصها عليهم تقديراً لما بذلوه من جهود خلال فترات عملهم في مختلف قطاعاتها، ورداً لجميلهم، واعترافاً بإسهامهم الصادق في مسيرة التنمية، ودورهم المهم في وصول الدولة إلى المكانة الإقليمية والعالمية التي تتمتع بها في الوقت الحالي، وما تحقق لها من رخاء وأمن وازدهار. وقد عمل كثير منهم في ظل تحديات التأسيس والبناء بما فرضته من ظروف استثنائية، أثبت خلالها أبناء الوطن أنهم قادرون على التغلُّب عليها.
لقد حققت دولة الإمارات مكانة عالمية متقدمة في رعاية المتقاعدين، ففي تصنيف لمجلة «سي إي أو وورلد» الأميركية حول أفضل بلدان العالم في التقاعد، ومدى توافر فرص الراحة والحياة الكريمة للمتقاعدين فيها، تصدَّرت دولة الإمارات إقليمياً في التصنيف الذي ضم 100 دولة، وحلَّت في المركز الخامس عشر عالمياً. ويعكس هذا التصنيف المتقدم تفوُّق دولة الإمارات على كثير من الدول الأكبر والأشهر حول العالم في تيسير حياة المتقاعدين، ومن بينها إيطاليا وإيرلندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وروسيا وسنغافورة والنمسا.
وتحتل قضايا المتقاعدين موقعاً مهماً في الخطط والجهود الحكومية التي تتطَّلع إلى المستقبل، فخلال أعمال الدورة الثالثة للاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات التي عُقِدت في نوفمبر 2019، تمت مناقشة أربع مبادرات خاصة بالمتقاعدين هي: المنصة الوطنية للتقاعد، وبرامج التهيئة والتوعية بالتقاعد للمقبلين على التقاعد، والمجالس الاستشارية للمتقاعدين، وباقات خدمات المتقاعدين. 
وتجسد هذا المبادرات الأربع حرصاً على الجانبين المعنوي والمادي، فمن الناحية المعنوية تؤدي برامج التهيئة والتوعية بالتقاعد دوراً مهماً في الإعداد النفسي للمتقاعدين وهم بصدد دخول مرحلة جديدة من حياتهم لها أعباؤها النفسية، ليتجاوزوا صعوباتها ومشكلاتها التي تترتب عليها تبعات نفسية وعضوية مقلقة إذا لم يتم الاستعداد لها بالشكل الصحيح. وينطبق الأمر نفسه على تنظيم آليات الاستفادة من خبرات المتقاعدين بصفتها مصدراً لمعرفة مفيدة في تطوير العمل واستدامته، وبصفتها أيضاً فرصة للمتقاعدين للشعور باستمرار عطائهم وأهميتهم. 
وهذه المبادرات الأربع تعزز الوضع القائم بالفعل الذي يمنح المتقاعدين في الدولة ميزات لا مثيل لها في صناديق معاشات التقاعد حول العالم، إذ يمنح قانون المعاشات الاتحادي المؤمَّن عليه المعاش بالحد الأقصى بنسبة 100% من راتب حساب المعاش عند الاستمرار في العمل لمدة 35 عاماً. كما أن التعاون قائم ومستمر بين الجهات الحكومية المختلفة و«جمعية الإمارات للمتقاعدين» - إحدى جمعيات المجتمع المدني النشيطة - ما يعكس مناخاً صحياً تتعاون فيه المؤسسات الحكومية والمجتمعية من أجل تحقيق أقصى فائدة.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية