ديمقراطية ليبيا المزعومة تحولت إلى فرق ومزق ورهط ولغط وغلط، وصار للمرتزقة صولات وجولات، وارتفعت أجندات الحالمين بعثمانية مقبورة، وصار هؤلاء يتحدثون باسم الشعب الليبي المغدور، ويزرعون الفتن، وينشرون المحن، ويشوهون وهج التاريخ بمصطلحات، وشعارات ما أنزل الله بها من سلطان.
لا أدري كيف تتبجح دولة يغط في سجونها آلاف السجناء من الصحفيين، وقادة الرأي، وتفرض سياجاً من كبت الحريات، ثم تخرج للعالم بصرخة مدوية وتنادي بحرية ليبيا.
هذه الدولة التي أصبحت بذراع أقوى من قدراتها العسكرية والاقتصادية والتاريخية، هذه الدولة موقت، وهرطقت، لأن العرب الأقربين لا يزالون يفكرون مع من يقفون، ويتضامنون، في الوقت الذي أعلنت فيه مصر العربية أنه لا يوجد حل وسط في ليبيا إلا بإخراج مرتزقة الحلم الممول بيد ملوثة بجرائم حرب على مدى التاريخ، ومأساة شعوب ذاقت ويلات هذه الادعاءات لم تزل حاضرة في الوجدان الإنساني، ولكن بعض العرب صم بكم، وتحت ذريعة حسابات خاطئة، يولون الأدبار لصرخة مصر ضد العدوان على دولة عربية ذات سيادة ومعترف بها في الهيئات، والجمعيات الدولية قبل نشوء وتطور جماعات تدعي الحقيقة، وهي لا تملك سوى الوهم، ولا تحتفظ إلا بالخيال، ولا تعيش إلا على ضعف وخلافات الآخرين.
ليبيا عمر المختار، سترتفع على الظلم، وسوف تنتصر بإرادة شعبها، وصدق عشاق الحقيقة، ونباهة الذين لا يسكتون على افتراء، ولا يغضون الطرف عن هراء.
ما يحدث في ليبيا رغم سواد الغيمة لا بد وأن ينقشع، ولا بد وأن ينهض الشرفاء من تحت الرماد، لأن مصر، ومعها الشرفاء من بني العروبة، لن يضيعوا فرصة التاريخ، ولن يتهاونوا في ردع الظالم، ودرء الخطر عن بلد هو جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، وليس بحاجة إلى غريب متهور، وعجيب متضور، ومريب متصدر للمشهد وكأنه الفقاعة على ظهر موجة غادرة.
ليبيا ستغسل عن عيني أبنائها غبش الانتظار، وسوف تقلع سفينة الحقيقة نحو غايات التحرر من بطش المدعين، وتسلط المزيفين، وستكون مصر العروبة، هي الرأس، والفأس، وهي القرطاس والمتراس، وهي الروح التي ستحرك الجسد نحو ليبيا لليبيين.
ليس لسواهم من أجناس ترعرعت على حثالة أفكار، ونخالة أخبار جاءت من نفايات التاريخ، وبقايا عظام نخرة.
ليبيا ستعود، ومعها سيعود شعبها، وفي جعبته ذاكرة عروبية لا تشوبها شائبة، ولا تخيبها خائبة.