تعرّض أنتوني فاوتشي مؤخراً لبعض الانتقادات في واشنطن لأنه أفرط في التشاؤم بشأن المدة التي نحتاجها من أجل السيطرة على وباء «كوفيد-19»، كما يرى منتقدوه. والحال أن رئيس «المعهد الوطني لأمراض الحساسية والأمراض المعدية» قد يكون أفرط في التفاؤل أكثر مما ينبغي، كما يوحي بذلك مسحٌ جديد لزعماء ومستثمري شركات رائدة في قطاع الرعاية الصحية. ففي شهادة أمام الكونجرس ومقابلات مع وسائل إعلام، قال فاوتشي إن لقاحاً آمناً وفعالاً ضد كوفيد-19 قد يصبح متاحاً مع أواخر 2020 وأوائل 2021. بيد أن ثلاثة تقريباً من أصل أربعة مدراء ومستثمرين في مجال الرعاية الصحية يعتقدون أن لقاحاً آمناً وفعالاً لن يصبح متاحاً على نطاق واسع حتى النصف الثاني من 2021 أو بعده. 
المسح، الذي أنجزته شركة «لازارد» خلال الأسبوع الأخير من مايو الماضي والنصف الأول من يونيو، شمل 184 مديراً تنفيذياً و37 مستثمراً عبر قطاع المستحضرات الصيدلية والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الطبية، وخدمات الرعاية الصحية.. يمثّلون العديد من أكبر مؤسسات الرعاية الصحية في العالم، إضافة إلى شركات عامة وخاصة أصغر وشركات استثمارية بارزة. 
هؤلاء الزعماء سُئلوا بشأن التاريخ الذي يعتقدون أن لقاحاً آمناً وفعّالاً سيصبح فيه، ليس موجوداً فحسب (تركيز فاوتشي)، وإنما متاحاً على نطاق واسع أيضاً. وهو السؤال الأنسب بالنسبة لمسار الفيروس. وغني عن البيان أنه من الخطر توقع أن يصبح اللقاح متاحاً بشكل أسرع مما هو واقعي. 
وعلى الرغم من التركيز والاستثمار والتعاون المكثف عبر قطاع الأدوية الحيوية، بما في ذلك التكنولوجيات الجديدة التي قد تسرّع الجداول الزمنية للتطوير، فإن هناك عدداً من العقبات العلمية والتقنية أمام خلق لقاحات ضد كوفيد-19، إضافة إلى التحديات المتعلقة بتصنيع اللقاح ونقله وتوزيعه. ومثل هذه العقبات تفسّر لماذا لم تطوّر شركات الأدوية الحيوية سوى سبعة لقاحات جديدة حقاً خلال خمسة وعشرين عاماً الماضية. 
إن معظم زعماء الرعاية الصحية يعتقدون أيضاً أن الأمر قد يتطلب أكثر من عام أو عامين قبل أن يصبح هناك علاج فعال لكوفيد-19، إذا تسنى تطوير علاج أصلا. وبالفعل، فإن 49 في المئة فقط من زعماء قطاع الرعاية الصحية يرجّحون احتمال إيجاد مثل هذا العلاج.
ونتيجة لذلك، يتوقع ثلثا زعماء القطاع أن يستمر الوباء إلى النصف الثاني من 2021 أو أكثر، وهو إطار زمني أطول مما يتوقعه الكثير من المسؤولين الحكوميين. ويكمن الخطر في أن الدعم المالي الفيدرالي سيُسحب قبل أن ينتهي الوباء في الواقع، وبعد ذلك سيصبح الضرر الاقتصادي الأساسي واضحاً ومرئياً أكثر. 
وبعد الوباء، يتوقع زعماء القطاع رؤية تغيرات كبيرة في مجال الرعاية الصحية، وخاصة تقديم الرعاية للمرضى على نحو أكثر كفاءة. كما يتوقعون رؤية استخدام أكبر بكثير للطب الافتراضي، ومراقبة المرضى عن بعد، والرعاية في المنزل وأماكن بديلة أخرى. كما يبدو المدراء التنفيذيون قلقين أيضاً بشأن تنامي القومية والحمائية والحاجة إلى تأمين سلاسل إمداد داخلية. 
غير أن الأهم من ذلك كله ربما هو توقعهم أن يظل العالم في قبضة الوباء لسنة أخرى على أقل تقدير. والواقع أنه لا وجود لمجموعة معينة من الناس تتمتع ببعد نظر مثالي. لكن، وبينما تفكّر الحكومات في المرحلة المقبلة، سيكون من الجنون تجاهل ما يتوقع الزعماء في خنادق الرعاية الصحية حدوثه.

بيتر آر. أورزاغ

الرئيس التنفيذي لشركة «لازارد» للاستشارات المالية

ديفيد غلاكمان
نائب الرئيس للخدمات المصرفية الاستثمارية والرئيس المشارك للرعاية الصحية بشركة «لازارد»

ستيفن ساندز
نائب الرئيس للخدمات المصرفية الاستثمارية ورئيس مجموعة الرعاية الصحية العالمية بشركة «لازارد»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»