لعلها من المرات القليلة في التاريخ التي يتطابق فيها الواقع الفعلي مع العبارة الواصفة «العالم على صفيح ساخن»، لما يشهده عالم اليوم من اضطرابات في أغلب بقاعه. وبعيداً عما فعلته جائحة كورونا في الأنفس البشرية، فإن النزاعات التي تضرب العالم، متعددة ومتنوعة في أسبابها وأهدافها، فأوروبا منقسمة على نفسها سياسياً تجاه عدّة قضايا، كانت بالأمس تحظى بموقف أوروبي موحد تجاهها، كالأزمة الليبية التي فاقمها التدخل التركي عبر المرتزقة والإرهابيين لتحقيق أهداف جيوسياسية واقتصادية باتت معروفة لكل مهتم، الأمر الذي دفع الليبيين لطلب تدخل من عمقهم القومي ممثلاً بمصر، للحفاظ على الأمن الحدودي بينهما، وعلى ليبيا مستقلةً وموحدةً (أرضاً وشعباً) وغير منقوصة السيادة، ضد الغزو الأجنبي. 
وكانت أوروبا وما زالت منقسمة فيما بينها تجاه الأزمة في سوريا، والتي كان بإمكانها الإسهام في حسمها على الأرض منذ زمن، لكنها بدلا من ذلك ترددت فأطالت في عمر الأزمة. وفي البحر المتوسط، ما تزال التوترات قائمة بين تركيا واليونان بسبب تجاوزات أنقرة لحدودها البحرية، وبين تركيا وفرنسا التي رأت أن الأتراك يسعون إلى التوسع، وأن أعمالهم تتسم بالغطرسة بدليل ما تشهده آسيا من بدايات لأزمة مرشحة للتفاقم بين أذربيجان وأرمينيا، فبحسب التحليلات أن هنالك أيادي لتركيا تعبث بالإقليم، مما دفع روسيا للتعبير عن قلقها من التداعيات. 
وفي آسيا أيضاً، يشهد بحر الصين الجنوبي، توتراً بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين، يرى فيه المحللون جانباً آخر للحرب التجارية بين الطرفين، فبحر الصين الجنوبي يمر عبره ما نسبته 52٪ من تجارة العالم. هذه التوترات التي تمثلت بإجراء مناورات عسكرية بحرية كبيرة، تُدخل العلاقات بين البلدين نفقاً قد يُنذر بالمواجهة العسكرية.
وليست أفريقيا في منأى عن سخونة الصفيح، حيث يتعثر المرء فيها مجدداً بتركيا التي تعربد في صومال متشظي، مر على إهماله الدولي سنون طوال، إلاَّ أن أنقره رأت فيه مساحة خصبة لتصيّد شبابه وإلحاقه بالمرتزقة للقتال في ليبيا. 
وأخيراً، لا يدري المرء ما الذي ستنتهي إليه التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وما الرسائل التي على «حزب الله» اللبناني أن ينفذها بالنيابة عن جهات مأزومة، وليس عن لبنان الذي ربما كان آخر اهتماماته.