الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«الرقمنة من تحت إلى فوق»

حمد عبيد المنصوري
27 يوليو 2020 02:55

أكثر من نصف البشر يعيشون اليوم في المدن والحواضر الكبرى، وسترتفع هذه النسبة إلى 66% في 2050، الأمر الذي يجعل القرن الحادي والعشرين قرن المدينة بامتياز، وهو أيضاً قرن الثورة الرقمية، التي زعزعت الكثير من المفاهيم والأنماط السابقة، وقادت إلى ما نعيشه اليوم، والذي يطلق عليه «الثورة الصناعية الرابعة».
عند التقاء هذين المنحنيين- التوسع الحضري والانتشار الرقمي - نشأ مفهوم المدينة الذكية التي تستفيد من الطفرة الرقمية والتقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتؤسس واقعاً جديداً، كان حتى وقت قريب ضرباً من الخيال العلمي.
الأمم المتحدة استشرفت هذا التطور، وعبّرت عن ذلك بوضوح في أهدافها للتنمية المستدامة.
وفي مواكبة لذلك الاستشراف، أخذت إدارة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية بالأمم المتحدة على عاتقها إبراز دور المدن في التحول الرقمي، بعدما كان التركيز كله منصباً على الحكومات المركزية أو الاتحادية.
لهذا التحول مسوغات منطقية عديدة تتعدى التوسع الحضري، وقد أشارت الدراسة إلى أن المدينة أو الحكومة المحلية هي الأقرب إلى الحاجات اليومية للناس، وهي التي تقدم لهم القسم الأكبر من الخدمات، وهذا يتجسد في البلديات والدوائر الاقتصادية والمواصلات والإدارات المحلية عموماً.
هذه الإدارات هي التي تحقق مفهوم التغيير من القاع إلى القمة، وليس العكس، وهي الأقدر بالتالي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفقاً لدراسة الأمم المتحدة ذاتها.
في نسختها للعام 2018، اشتملت الدراسة على أربعين مدينة عالمية، من بينها دبي كنماذج للقياس التجريبي في مجال الحكومة الرقمية.
وكان ذلك تمهيداً لإحداث تغيرات جوهرية في طريقة تقييم التحول الرقمي، بحيث تكون المدينة هي المحور، بينما تحتفظ الحكومات المركزية بدورها التمكيني والتشريعي والإشرافي.
وفي النسخة الأخيرة من الدراسة 2020، رفعت الأمم المتحدة عدد المدن إلى 100، ومن المتوقع أن يزداد العدد في النسخ المقبلة.
بالنسبة لنا في الإمارات، هذا الأمر ينطوي على فرصة ممتازة، بالنظر إلى ما تتسم به برامج التحول الرقمي المحلية، من تطور في مجالات البنية التحتية الرقمية والحضور الرقمي والخدمات الحكومية، وغيرها من سياسات وأنظمة وممارسات إلخ.
لكنه في الوقت نفسه يضع على عاتق حكوماتنا المحلية عبئاً، يتمثل في تعزيز الريادة من خلال تعميق الترابط والتكامل وصولاً للحكومة الرقمية الواحدة، التي تقدم خدماتها للمتعاملين بطريقة انسيابية وسلسلة.
المرحلة المقبلة تتطلب عملاً أكثر عمقاً في هذا السياق، بما يتضمن التعاون الوثيق بين الحكومة الرقمية الاتحادية وكافة الحكومات المحلية، مع التركيز على المحاور الأربعة التي أشارت إليها دراسة الأمم المتحدة للحكومة الرقمية، وهي: التكنولوجيا، والمحتوى، والخدمات، والمشاركة.
ولا أشك في أننا جاهزون لذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©