ترتكز حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة على أسس متينة، وترتبط بمرحلة التأسيس، فقد كانت حاضرة في دستور الدولة الذي جاء الباب الثالث منه تحت عنوان «الحريات والحقوق والواجبات العامة». وتنص المادة الخامسة والعشرون، وهي أولى مواد هذا الباب، على أن «جميع الأفراد لدى القانون سواء، ولا تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي». وتكفل المواد التالية الحقوق والحريات، ومنها: حرية التنقل، وحرية الرأي والتعبير، وحرية المراسلات البريدية وغيرها من وسائل الاتصال، وحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، وحظر الاعتقال التعسفي والإيذاء الجسدي أو المعنوي. كما يتمتع الأجانب بالحقوق والحريات المرعيَّة في المواثيق الدولية.
وقد تعززت هذه الأسس عبر سياسات منهجية تمنح احترام حقوق الإنسان أهمية قصوى، وتراعي انسجام كل القرارات والتشريعات مع المعايير الدولية المرعيَّة لحقوق الإنسان، والاستفادة من أفضل الممارسات والتجارب العالمية. وضَمِنت هذه السياسات المستمرة لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تحتل موقعاً متقدماً في كثير من المؤشرات المتعلقة بحقوق الإنسان، سواء ما يتعلق منها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أو بالحقوق السياسية، أو بالحقوق الجماعية. 
وفي هذا السياق يأتي إعلان «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» أنها بحثت، خلال اجتماعها يوم الأحد 19 يوليو 2020، برئاسة معالي الدكتور أنور محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية رئيس اللجنة، الجوانب التحضيرية لإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان التي ستكون «بمنزلة إطار وطني شامل ومتكامل لهذا الشأن في الدولة للأعوام المقبلة». ويبدأ عمل اللجنة من النقطة الصحيحة، إذ سينطلق من مسح شامل يستهدف تحديد الوضع الراهن لحقوق الإنسان في الدولة، وما حققته من تقدُّم. ويمثل الفهم الدقيق الناجم عن هذا المسح الشامل أساساً متيناً تقوم عليه الخطة.
وتضمن الخطوات التالية مشاركة مجتمعية كثيفة في وضع الخطة، من خلال إشراك مؤسسات المجتمع المدني، و«إطلاق حوار مجتمعي واسع يشمل الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، وغيرها من المؤسسات الأخرى ذات الصلة». ويقدّم هذا الحوار نموذجاً للمشاركة التي تحرص عليها الدولة في إقرار الخطط والسياسات، ومناقشة مختلف التوجهات والآراء ووجهات النظر مع الفعاليات الاجتماعية المختلفة، ووضعها في الاعتبار عند تحديد الملامح النهائية للخطة، بحيث تكون تعبيراً صحيحاً عن رؤية المجتمع.
والحاصل أن هذا الجهد التحضيري المدروس يمثل محصّلة لخبرة راكمتها دولة الإمارات عبر عقود، في وضع خطط طويلة المدى ومتوسطة المدى وقصيرة المدى في مجالات مختلفة، ومتابعة تطبيقها بدقة، في إطار التوجه المستقبلي الذي تنتهجه. وسوف يضمن هذا الجهد أن تخرج الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في نهاية الأمر وقد اكتملت لها كل عوامل النجاح، ما يجعلها قادرة على تحقيق أهدافها الطموحة التي أوضحها معالي الدكتور أنور محمد قرقاش، متمثلة في: «توثيق الجهود التي تبذلها الدولة في مجال حقوق الإنسان، كما ستسهم، من خلال البرامج والأنشطة، في نشر الوعي والتثقيف بهذا المجال، بالإضافة إلى بناء القدرات وإعداد كادر وطني متخصص، وتعزيز التعاون والشراكات مع أجهزة الأمم المتحدة وآلياتها ولجانها المتخصصة».
إن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، التي تمثل تطوراً كبيراً في جهود الدولة للتعامل مع هذا الملف المهم، هي ثمرة عمل منظَّم يتقدم نحو أهدافه بثبات، إذ سبقها إنشاء إطار مؤسسي ضروري هو «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان»، مزوَّد بكل الإمكانيات والصلاحيات التي تجعله قادراً على تنفيذ المهمة. ومن المؤكد أن الخطة سوف تضمن لجهود الدولة في مجال حقوق الإنسان أن تكون في دائرة الضوء الإقليمي والدولي، وأن تحظى بالتركيز الذي يتناسب مع أهميتها في تشكيل صورة الدولة بالمنطقة والعالم.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.