قال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس شيئاً مثيراً مؤخراً. أعلم أنه ربما من الصعب إيجاد يوم لم يقل فيه شيئاً مثيراً هكذا، لكن أعتقد أن هذه الخصوصية بالذات تساعدنا على فهم لماذا كان رد أميركا على فيروس كورونا كارثياً حتى الآن، مقارنة مع دول غنية أخرى. 
وبالطبع، فقد أضحت فلوريدا بؤرة لكوفيد-19، بإجمالي إصابات تواصل الارتفاع، وحصيلة وفيات يومية باتت تفوق بشكل مستمر نظيرتها المسجلة في كل الاتحاد الأوروبي الذي يبلغ عدد سكانه ضعف سكانها عشرين مرة، لكن ديسانتس ليس مستعداً للتفكير في العدول عن قرار إعادة فتح الولاية المبكر، بل يرفض حتى إغلاق الأماكن التي تعد حواضن مثالية لانتشار فيروس كورونا. 
ويصر ديسانتس بشكل خاص على السماح للقاعات الرياضية بالبقاء مفتوحة، وهي أماكن مغلقة مليئة بالأشخاص الذين ينفخون ويزفرون. لماذا؟ لأنك «إذا كنت في صحة جيدة، فإن احتمال أن تصاب بالمرض سيكون منخفضاً جداً». والواقع أن هذا ليس صحيحاً، ذلك أنه حتى الأشخاص الأصحاء يمكن أن يعانوا بشكل فظيع جراء كوفيد-19. وإذا سبق لك أن ذهبت إلى ناد رياضي يوماً، فإنك تعلم أنه ليس كل من هم هناك من الشباب ذوي اللياقة البدنية، ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم. إن سبب حاجتنا لإغلاق القاعات الرياضية ليس حماية الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية، بل حماية الأشخاص الآخرين الذين قد يصيبونهم بالعدوى. فكل مرتادي القاعات الرياضية لديهم أسر وأصدقاء وزملاء، والشخص الذي يرفع الأثقال قد يكون على ما يرام، لكن هناك احتمالاً كبيراً لموت البالغين الأكبر سناً الذين يصابون بالمرض، لأنهم قضوا وقتاً في بيئة مواتية لتكاثر الفيروس. 
ويفترض أن يكون ذلك بدهياً، غير أنه رغم خمسة أشهر على الوباء وقرابة 140 ألف وفاة، فإن العديد من «الجمهوريين» ما زالوا لا يستطيعون أو لا يريدون استيعاب فكرة أن الاختيارات لها عواقب أخرى غير تلك التي تخص الفرد الذي قام بها فقط. 
ولنأخذ هنا مثال المقاومة الجنوبية لارتداء الكمامات. فبعض أسباب هذه المقاومة تُعزى إلى ذكورة ليس لها ثقة في النفس، أي أشخاص يرفضون اتخاذ أبسط وأرخص التدابير الاحتياطية، لأنهم يعتقدون أن ذلك سيجعلهم يبدون سخيفين. وبعضها يتعلق بحروب ثقافية: الليبراليون يرتدون كمامات، ولهذا لن أرتديها. لكن الكثير منه يتعلق بحرص مفرط ولا عقلاني على الاختيار الفردي. 
والواقع أن ثمة أشياء كثيرة ينبغي أن يُترك الحسم فيها للفرد. فأنا قد لا أشاطرك ذوقك الموسيقي، أو قد لا أرغب في القيام بالأشياء التي تقوم بها مع بالغين آخرين راضين، لكن هذه الأمور ليست من شأني. 
غير أن ثمة أشياء أخرى لا تتعلق بك بكل بساطة. وعلى سبيل المثال، فإن مسألة إلقاء مياه الصرف الصحي غير المعالَجة في بحيرة عامة ليست شيئاً ينبغي تركه للاختيار الفردي. والذهاب إلى القاعة الرياضية، أو رفض ارتداء الكمامة خلال الوباء هو بالضبط مثل إلقاء مياه الصرف الصحي في بحيرة: إنه سلوك قد يكون مريحاً للأشخاص الذين ينخرطون فيه، لكنه يعرّض الآخرين للخطر. 
بعض القراء ربما يعلمون أن السيناتور راند بُول، الذي يقول عن نفسه إنه مدافع عن الحقوق الفردية، وجّه الكثير من سهام انتقاداته مؤخراً إلى الدكتور أنتوني فاوتشي. ففي مايو الماضي، ندّد بفاوتشي لأنه حذّر من أن إعادة فتح مبكرة قد تؤدي إلى ارتفاع في حالات كوفيد-19 من جديد. ومؤخراً، وبهمّة جديدة لم تنل منها على ما يبدو حقيقة أن فاوتشي كان على حق، طالب بُول فاوتشي بأن يُظهر بعض «التواضع» ويبدي بعض «التفاؤل». 
غير أن ما صدمني هو الطريقة التي برّر بها بُول هجماته على توصيات علماء الأوبئة: عبر الاستناد إلى مذاهب فريديريك حايك في السوق الحر، إذ قال في هذا الصدد: «لقد كان حايك مصيباً: إن السلطة وصنع القرار اللامركزيين فقط، وبناءً على ملايين الحالات الفردية، يمكن أن يصلا إلى الأخطار والسلوكيات التي ينبغي لكل فرد اختيارها». 
وبغض النظر عن رأيك في حايك (لا شك أنك خمنت أنني لستُ واحداً من المعجبين به)، فإن هذا الكلام غريب. ذلك أن صنع القرار اللامركزي يمكن أن يفعل الكثير من الأشياء، لكن إثبات الحقيقة العلمية ليس واحداً منها، ثم إنه حتى المحافظين كانوا يدركون أن الخبرة مهمة، وأن دعم البحث العلمي وتشجيعه دور مشروع وضروري للحكومة. 
لكن المحافظين والجمهوريين تغيروا. فاليمين الأميركي المعاصر باتت مهمته الوحيدة اليوم على ما يبدو هي إنكار أن تكون للناس أي مسؤولية تجاه بعضهم بعضاً، وإسكات الخبراء الذين يحاولون أن يقولوا للأشخاص الذين في السلطة أشياء لا يريدون سماعها. 
وفضلاً عن ذلك، فإن الأنانية والجهل الإرادي باتا الآن مبدأين موجِّهين لجزء كبير من المؤسسات السياسية التي تشكّل جزءاً مهماً من سبب رسوب أميركا في اختبار كوفيد-19 على هذا النحو اللافت. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

https://www.nytimes.com/2020/07/18/opinion/republicans-keep-flunking-microbe-economics.html