قصص لمواطنين لبنانيين مؤثرة للغاية، نقلتها وكالة «رويتر»، منهم مَن لا يملكون القدرة على شراء الخبز، وآخرون اعتمدوا المقايضة عبر موقع إلكتروني أنشأه متطوعون باسم «لبنان يقايض»، بلغ عدد أعضائه 16 ألف عضو خلال شهر. ويتلقى الموقع، الذي أصبح الملاذ الوحيد للأسر اللبنانية، 200 طلب يومياً لتأمين الغذاء والدواء. فثمة سيدة لبنانية اضطرت إلى مقايضة السكر والحليب والصابون بفستان طفلة، وأخرى تبلغ من العمر 65 عاماً لجأت إلى تقديم خدمة حياكة الملابس لقاء وجبات طعام يومية. إن الأزمة الاقتصادية التي انفجرت في أكتوبر 2019، وأدت إلى مشكلات اجتماعية في عموم البلاد، لم يكن أحد يتوقع أن تتفاقم بهذه السرعة، مما يؤشر على أن القادم قد يكون أسوأ، إن لم تتحرك الحكومة والنخب السياسية والاقتصادية بعمل عاجل وجذري، رغم استبعاد المراقبين أن يكون بمقدور الحكومة الحالية التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ إذ أن الأزمة في ازدياد يوماً بعد آخر، وعدد العاطلين عن العمل، منذ أكتوبر الماضي، وصل إلى 40%، في حين بدأت الصحف اللبنانية تنشر أخباراً عن حالات انتحار بين المواطنين في بيروت وبلدات جنوبية، بسبب حالة العوز التي شملت الجميع، إضافة إلى أخبار عن سقوط قتلى في الاحتجاجات المستمرة على غلاء المعيشة وشبح الجوع، وتردّي الأوضاع الصحية والتعليم والكهرباء. 
وزاد في تردي الوضع تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية التي فقدت 80% من قيمتها، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية للبنانيين، مع صعوبة الحصول عليها. 
ذلك في الداخل اللبناني، أما في الخارج، فلم يعد من الممكن وصف صورة لبنان في الأوساط السياسية والمالية، فهناك العديد من الدعاوى التي رفعها أثرياء أميركيون من أصول عربية، على مصرف لبنان المركزي أمام المحاكم الأميركية، يطالبون فيها باستعادة ملايين الدولارات المودعة منذ أعوام في البنوك اللبنانية، خاصة أنه «لم يعد ممكناً الحديث عن سلطة القانون في هذا البلد»، وفقاً للصحف الأميركية. يضاف إلى ذلك توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وصمت المانحين.. ليبقى السؤال في لبنان اليوم: مَن المسؤول عن هذا الانكشاف الكامل لحالة البلاد؟ الإجابة «المُريحة» (وغير الدقيقة على الأرجح) أن المسؤول هو عقود من النهب لثروات البلاد، مما تسبب في تراكم الديون من دون إصلاحات تهيئ لمعالجة الفساد وبناء مؤسسات الدولة، لتكون النتيجة الإفلاس التام، مما دفع المفوضة الأممية، ميشيل باشليه، للتحذير من «أن الوضع في لبنان يخرج بسرعة عن السيطرة». 
لذلك، نذكِّر بالسؤال: ألا يحمل القرار الأممي 1559 حلاً لأزمة لبنان؟