يختصر مشروع «مسبار الأمل» كثيراً من سمات دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تجعل منها نموذجاً لبلد يعرف طريقه جيداً نحو المستقبل، ويملك كل الأدوات التي تجعل خطواته نحو الصدارة العالمية واثقة وثابتة. فما كان لمثل هذه المهمة أن تجد طريقها إلى التنفيذ من دون عزيمةٍ لا تحدُّها حدود لدى القيادة الرشيدة التي لا تعرف المستحيل، والتفاف شعبي وثقة كاملة بها، وكفاءة مشهودة في إدارة العديد من الملفات اللازمة لإنجاز مثل هذا المشروع الضخم، ويقين بدور العلم في نهضة الأمم ورفعتها، وتوفير كل الظروف من أجل إيجاد نظام تعليمي تُراعى فيه أعلى المعايير المعروفة في العالم، وتشجيع قيم الإجادة والإبداع والابتكار. وفي القلب من هذه العوامل يأتي دور الموارد البشرية المواطنة التي أثبتت في هذا المشروع مدى تفانيها واقتدارها وامتلاكها المعرفة الراقية والتأهيل الرفيع.
وكان هذا العامل حاضراً بقوة في الاتصال المرئي، الذي اطَّلع فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أول من أمس السبت، على الاستعدادات النهائية لإطلاق «مسبار الأمل»، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «هذه الكفاءات من الشباب والشابات، المهندسين والمهندسات، الذين تعلَّموا ووصلوا إلى هذه المراحل هم الهدف من هذا المشروع كله». وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «بجهودك أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وهمَّتك نرى اليوم هذه الكفاءات التي تشرفنا وتشرف أهلها وبلادها وعالمها العربي».
وممَّا سيسجله التاريخ أيضاً أن 200 مهندس ومُهندسة من مواطني الدولة عملوا في هذا المشروع على مدار ست سنوات، مسجّلين قفزات علمية توالت يوماً بعد يوم، ونجحوا في إنجاز 200 تصميم تكنولوجي جديد، وتصنيع 66 قطعة من مكونات «مسبار الأمل» داخل الدولة. ويشير هذا العدد الضخم من العلماء الإماراتيين إلى قاعدة وطنية كبيرة في مجال العلوم المتقدمة، بُنيت بدأب وبوعي على مدار سنوات، لتكون ركيزة للتطور العلمي المُستدام، واستلزم ذلك إنشاء أقسام وتخصُّصات علمية في الجامعات الإماراتية، وتأسيس كليات جديدة متخصصة، وابتعاث الدارسين إلى أفضل الجامعات العالمية، وتوفير فرص التدريب المتخصص في مؤسسات مرموقة داخل الدولة وخارجها. 
لقد تمكنت دولة الإمارات من مراكمة إنجازاتها العلمية والحضارية بالاعتماد على سواعد أبنائها الذين حرصت القيادة الرشيدة للدولة على الاستثمار فيهم انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية دور العنصر المواطن في قيادة وتوجيه عجلة النهضة والتنمية باعتباره الرافعة الأساسية التي تعتمد عليها المبادرات كافة والمشاريع التي تخدم هذا التوجّه، وهي أولوية رئيسية لم تغب عن أجندة القيادة الرشيدة للدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
إن النجاح، الذي نشهده اليوم، هو محصلة خطط طموحة استرشدت بالمبدأ الراسخ في دولة الإمارات، وهو الاستثمار في الإنسان، أثمن الموارد وأجدرها بالاهتمام، والطاقة المحرّكة للتنمية المستدامة. وقد توقفت مجلة «نيتشر» البريطانية العريقة، في تقرير لها نُشر في 8 يوليو 2020، عن «مسبار الأمل»، عند ملمح مهم، وهو أن نسبة النساء في فريق العمل تبلغ 34%، لكنَّ نسبتهن في الفريق العلمي تبلغ 80%، في شهادة على تطور مجتمعي كبير واكب التطور العلمي، ولا يقل أهمية عنه، فالتطور كان شاملاً سياقاتٍ عدة، ولم تغفل القيادة الرشيدة عن وضع الأساس المجتمعي الذي يجعل التطور العلمي ينمو بثبات واطّراد، ويمنحه مزيداً من العمق والقوة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية