كان لزاماً على مختلف الدول والمجتمعات، خلال الأشهر الماضية، أن تتعايش وتتأقلم مع جائحة فيروس كورونا التي أربكت العالم كله وأثّرت على خِططه، من هول هذا الفيروس المجهول وغير المتوقع، الذي داهم الجميع وشغلهم كثيراً وصادف صيام شهر رمضان المبارك. وطالت فترة الحجر والاعتكاف داخل المنازل (مرغمين لا راغبين)، مما أحدث لدى الكثيرين حالة من الكسل والخمول والاسترخاء والترهل، ربما باستثناء جنود «الجيش الأبيض» الذين أبلوا بلاءً حسناً أثناء عملهم السامي في المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات وسيارات الإسعاف والطوارئ، من أطباء وممرضين ومسعفين ومخدرين وإداريين.. والذين نرفع لهم جميعاً القبعات والأيادي ممتنين وشاكرين ومثمِّنين ومجلِّين مقدار ما قدموه من أعمال وجهود إنسانية جليلة ونبيلة واستثنائية في هذا الظرف الطارئ والمستجد الذي شغل جميع الدول وزاد الأعباء على اقتصاداتها التي أضرّ بها الإغلاق الصحي وفاتورة الطوارئ الطبية.
وهنا لابد من الإشارة والتنبيه إلى أن بعض الموظفين قضوا فترة طويلة ومملة من الحجر المنزلي، قابعين وخاملين في منازلهم، ولذا فإنه بعد هذه الإجازة الإجبارية الطويلة لابد من إعادة تأهيل بعض الموظفين وتدريبهم وإرشادهم ونصحهم وتحفيزهم وبث روح النشاط والحماس في نفوسهم من جديد، وذلك بغية إعادة حالة النشاط والحماس لديهم إلى عهدها قبل وقوع الجائحة، بمعنى أنه تتعين إعادة فرمتة كل مسيرة الحياة وحركتها من جديد.
ولا شك أن ذلك سيتطلب من الموظف والمكلف بالعمل، الذي عاود عمله بكمامة وقفازات، استعادة نشاطه وحيويته وتميزه وحرصه على العمل كما كان في السابق، بل بشكل أفضل، وأن يضاعف الهمة ليساهم في تعويض مؤسسته عن الخسائر التي تكبدتها بسبب الأوضاع التي فرضتها الجائحة. 
وعلى ما يبدو فقد كانت فترة الحجر الصحي طويلة جداً، مما يتطلب جهداً كبيراً لتغيير سلوكيات وأنماط العمل والحياة في مرحلة ما بعد كورونا التي جعلت الفرد مسترخياً وخاملاً ومتقوقعاً أكثر من اللازم، بل غير مبال بما حوله وغير مدرك للوقت والزمن، وكأنه فقط يأكل ويشرب وينام ويتموضع في فراشه.. بلا حركة ولا عناء ولا مشقة. 
لذلك نخشى أن يكون بعض الموظفين قد أصيبوا بنوع من «التخمة» البدنية والتبلد الذهني جراء الحجر الصحي الطويل وما ارتبط به من كسل وخمول، حيث يقضي كثير منهم معظم وقته ممسكاً بالهاتف، يتلقى «النكات» الساخرة حول جائحة كورونا، أو جالساً أمام شاشة التلفاز.. وقد اقتنع للتو بأن العالم أصبح قرية صغيرة بحق، وإلا فكيف يؤثر التهام مواطن صيني طائر الخفاش على أوضاع مواطن في أفريقيا، فيجعله يخسر وظيفته أو يفقد بدل غلاء المعيشة وهو منزو داخل بيته في قرية نائية؟!
لذلك نعود للتأكيد على أنه بعد الانفراج التدريجي شيئاً فشيئاً وعودة الحياة إلى طبيعتها في أكثر بلدان العالم، تتعين إعادة تأهيل الموظفين للاطلاع بوظائفهم في مرحلة ما بعد كورونا. 

*كاتب سعودي