أكره أن أستلقي فوق فراشي وأنا قلقة لساعات. أكره أن أستيقظ من نومي صباحاً لأقلق خلال نهاري مرات، كورونا صار في كل مكان بالعالم حصاراً ينبت كالفطر ويغلق كل الفجوات، وينتشر مع الريح على الطرقات. يعبر من خلال الأبواب المغلقة والأبواب المشرعة والنوافذ المختومة بزجاج مغبر كصمت الأصوات. 
..
أرغب أن استلقي فوق ذراعي بلادي لساعات تمتدُّ وتمتدُّ فلا أصحو، تغدو أحلامي بحاراً أعبرها بزوارق تحملني لشواطئ تنتظرني فوق رمال السنين.
لا أرغب أن تنتهي الرحلة، ولا أرغب أن يتحد الحلم مع الواقع من غير حدود. قافلة الأيام تجرُّ على جسدي وطأتها وتحفرني أنهاراً وبحاراً وتضاريس لشواطئ وهمية، أرقبها وأرقب نفسي وأرقب قافلة الأيام على جسدي المثقل والجائع لجميل الأحلام. أرقب هذا الجوع المتنامي غابات وطحالب مرّة. تمتد على طول ضفاف أنهاري وقد غادرها الماء وتشققت التربة. أرقب قنديلاً في كفي لا يشتعل ولم ينضح بالزيت ولا مرّة. مغلقة نوافذ هذا العالم. ألصق وجهي فوق زجاج نوافذه فيلسعني الصمت القارس، وإذا صادف أن مرّ أمامي إنسان آخر أخفي وجهي وأخبئه تحت ثيابي، فأنا أخجل أن أحمل هذا الوجه المتعب ذا المعنى الواحد.
..
 أحضانك يا بلدي يركض فيها الأطفال سعداء. فيها رائحة الأمل والعزيمة أصلب من النكسات. وحين آهاتهم تعلو، تعقبها من صدر بلادي عليهم آه! وأظل أحدق في أحزان العالم.. أتحسس خريطة الهمِّ، فألقي رأسي المثقل بالحزن على صدر بلادي. أعرف أن صدرها مهموم بجراح الإنسان في كل مسارب هذه الدنيا. فالأمراض قد شرعت تنشب في جسد الإنسان مخالبها، لكن كفك يا وطني يمسح كل جروح الإنسان ويمتد ليمسح حزني.
..
 بلادي الحبيبة، لأنكِ ضوء يضيء حياتي ودفء يمسّد قلبي.لأنكِ حلم الصبا والشباب.لأنك يوم ولدت بين ذراعيك ووسدتني ساعديك، وصارت دمائي هواكِ، ها أنا هادئة في حضنك يا وطني وسأنقش عنوانك بحبر القلب على كل تضاريس الدنيا.