ينطوي «مسبار الأمل» على حزمة من الرسائل والدلالات المهمة التي ستكون لها نتائجها الإيجابية على صُعُد مختلفة، وهناك تعويل علمي كبير على ما سيحققه المسبار من إضافات مهمة لدراسات تكنولوجيا الفضاء، الذي لا يزال في حاجة إلى الكثير من الجهود العلمية والبحثية لاكتشاف المزيد من أسراره، وبخاصة أن المعلومات التي سيقوم المسبار بجمعها ستكون متاحة لنحو 200 مؤسسة علمية حول العالم. 
ولعل أولى هذه الرسائل الإيجابية التي ينطوي عليها «مسبار الأمل»، تتمثل في تأكيد ما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من تقدم علمي، فما كان لهذا المسبار أن يتحول من مجرد حلم كان في مرحلة ما بعيداً للغاية إلى واقع لولا هذا التقدم الذي راكم الكثير من المعارف في مجالات مختلفة، ومنها تكنولوجيا الفضاء. وقد استطاعت الدولة تحقيق هذا التقدم في ظل إيمان قيادتنا الرشيدة بالعلم طريقاً لتحقيق النهضة، وهو الإيمان الذي تمت ترجمته بالاهتمام الكبير والمتواصل بتأسيس المزيد من الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات العلمية، ومدّها بكل ما تحتاج إليه من موارد بشرية ومالية حتى تستطيع القيام بالدور المنوط بها على النحو المأمول. 
أما ثانية هذه الرسائل، فتتمثل في الأهمية الكبيرة التي توليها القيادة الرشيدة لعلوم الفضاء. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسبار كان حلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد تحقق هذا الحلم بعد أن حققت الدولة تراكماً علمياً كبيراً ومتواصلاً. ومما لا شك فيه أن هذا الاهتمام الكبير لقيادتنا الرشيدة بعلوم الفضاء من شأنه تعزيز نموذجنا التنموي وترسيخه والقفز به خطوات كبيرة إلى الأمام، لأن هذه العلوم ذات صلة كبيرة بتحقيق الكثير من المنجزات الداعمة لما حققته الدولة من طفرات نوعية على صعيد الاقتصاد بشكل عام، وتعزيز مفاهيم الاستدامة في المجالات المختلفة بشكل خاص. 
أما ثالثة هذه الرسائل، فتتمثل في تأكيد أن العرب والمسلمين قادرون على الأخذ بأسباب العلم والتقدم وتحقيق منجزات معرفية تعزز الحضارة العالمية، بعد أن ظلوا لقرون طويلة مجرد مستهلكين لما تنتجه العقول الغربية، على الرغم من أنهم خلال حقبة انتعاش الحضارة الإسلامية كانوا هم قادة العالم والسباقين إلى الاكتشافات العلمية وبناء حضارة إنسانية قائمة على العلم والمعرفة. ولا شك في أن هذه الرسالة لها مردوها الإيجابي الكبير لجهة تعزيز ثقة العرب والمسلمين بأنفسهم والتأكيد أننا -كعرب ومسلمين- قادرون على بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، إذا ما وظفنا العلم والمعرفة بطريقة صحيحة. 
أما رابعة هذه الرسائل، فتتمثل في حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز التعاون العلمي بين دول العالم كافة، فالمعلومات التي سيتم تجميعها من خلال المسبار ستكون متاحة لنحو 200 مؤسسة علمية، كما سبق القول، وهذا الحرص مبني على حقائق راسخة، منها أن العالم بات بالفعل قرية صغيرة، وأن التعاون بين هذه الدول هو السبيل الوحيد كي ننهض جميعاً، وقد جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) لتؤكد بشكل كبير هذه الحقيقة، حيث وجد العالم نفْسَه في ظل تحدٍّ وجودي يهدد الجميع، ومواجهته والقضاء عليه لن يتما إلا بتضافر جهود كل دول العالم ومنظماته المختلفة. 
إن «مسبار الأمل»، وفي ظل الرسائل الإيجابية المتعددة التي ينطوي عليها، والتي تمت الإشارة إلى بعضها، إنما يؤكد السبق المعرفي الذي استطاعت تحقيقه دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل إيمان قيادتنا الرشيدة بالعلم والمعرفة. ولا شك في أن هذا الحدث سيمثل مرحلة جديدة باتجاه تعزيز نموذجنا التنموي وترسيخه، كما أنه يمكن أن يدشن مرحلة جديدة، يعود فيها الجيل الحالي من العرب والمسلمين للمساهمة في بناء الحضارة العالمية، كما ساهم أجدادهم في حقب تاريخية سالفة بشكل مؤثر في التأسيس لهذه الحضارة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية