غداً الأربعاء الخامس عشر من يوليو يومٌ من أيام العرب، والعربي ما بعد غدٍ الأربعاء ليس هو نفسه العربي ما قبل هذا اليوم، فلأول مرة في التاريخ العربي المعاصر، بل التاريخ العربي الحديث، يقترن باسم العرب حدثٌ علمي عالمي. وضع خطاً أسفل كلمة «علمي»، فقد اقترن اسم العرب كثيراً بأحداث أخذت بُعداً عالمياً في العقود الماضية، وإلى يومنا هذا، لكنها لم تكن أحداثاً مشرقة.
غداً الأربعاء ينطلق الإنسان العربي من كوكب الأرض متوجهاً إلى كوكب المريخ في مهمة تستغرق سنة «مريخية» واحدة، ما يعادل سنتين أرضيتين، يقطع خلالها «مسبار الأمل» مسافة 493 مليون كيلو متر، ما يعادل 600 رحلة ذهاباً وإياباً من الأرض إلى القمر، لتكون دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن تسع دول على مستوى العالم تساهم في استكشاف ذلك الكوكب الأحمر البعيد. 
وسيقدم العرب للمرة الأولى إجابات علمية للحضارة البشرية حول الحياة خارج الأرض، ومدى إمكانية الاستفادة من المريخ في تحسين حياة الجنس البشري في المستقبل، عبر مسبار مكتوب عليه مجازاً: صُنع برؤية عربية، وبهمّة عربية، وبأيدٍ عربية، وفي دولة عربية. 
والسؤال هو: هل فعلاً من شأن إطلاق «مسبار الأمل» التأريخ والتأسيس لمرحلة جديدة في حياة العرب؟ هل فعلاً الإنسان العربي موعودٌ بالتغيير إلى الأفضل اعتباراً من هذا الحدث؟ هل نبالغ بعض الشيء في إضفاء كل تلك الأبعاد، وتعليق كل هاتيك الآمال، على إطلاق مسبار إلى المريخ؟ 
نحن حين نقول إن مَن يزرع خيراً يحصد خيراً، ثم لا نجد شخصاً واحداً زرع خيراً ووجد خيراً، فإن قولنا ذاك يصبح مجرد كلام يدور على اللسان، ولا ينبع من القلب، لكننا نؤمن بزرع الخير إذا وجدنا من يحصده. 
وهكذا الأمر بالنسبة للإيمان بالإنسان العربي، ورؤيته، وهمته، وإرادته، وقدراته، وإدارته، إذ كيف للإنسان العربي أن يؤمن بنفسه، وهو لا يرى حوله إلا الفشل والدمار والألم والدموع، حتى صار إيمان العربي بنفسه موضع شك، وشكّ الإنسان بقدراته هو أسوأ أنواع الشك كما يقال، إذ يلقيه في مهاوي الاستسلام واليأس.

والإمارات تعيد للإنسان العربي الإيمان بنفسه، فرغم وجود قصص نجاح لأفراد عرب هنا وهناك، فإن النجاح الفردي لا ينطوي على نجاح الأمة التي ينتمي إليها هذا الفرد أو ذاك من الناجحين، أما نجاح الأمة، فهو ينطوي بالضرورة على نجاح أفراده، بمعنى أن النجاح الذي يلهب حماس الإنسان نحو بذل كل طاقاته، والتعرف على كل قدراته هو نجاح أمته. 

كان الإنسان العربي ينشد نموذجاً عربياً للنجاح، ليهتف بينه وبين نفسه: الفشل ليس قدراً مكتوباً علينا، والمؤامرات وإن وُجدت فهي لا تعيق تقدمنا، ولا يمتاز الشرق والغرب بعقول خارقة لا نملكها. وقدمت الإمارات وتقدم للإنسان العربي النموذج بعد النموذج ليؤمن بنفسه كأول خطوة للنهوض والبدء في العمل عبر مسبار وُفقت فيه الإمارات باختيار اسم له هو الأمل.