عندما يداهمك حدث تاريخي كبير، بحجم طموحات أمة بأكملها، تشعر أنك أخرس، فاقداً القدرة على النطق، ولا تدري كيف تعبّر عن مشاعرك لجلالة العلامة الفارقة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، بلد المنشأ والفكرة والإرادة والتخطيط والتنفيذ، وفي تاريخ الأمة العربية كلها. 
فغداً الأربعاء الـ15 من يوليو 2020م، سيقف العرب ومعهم العالم، ينظرون جميعاً كيف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعيد بناء قواعد المجد لأمةٍ سادت، ثم تراجعت وظلت في وهدتها عقوداً. غداً، سنقف بإجلال وإعجاب، لنشاهد إطلاق «مسبار الأمل» إلى المريخ، بأيدٍ إماراتية عربية خالصة، من محطة الانطلاق بجزيرة (تانيغاشيما) اليابانية. وسيصل مسبار أمل الأمة إلى غايته في شهر فبراير من العام المقبل 2021م، التاريخ الذي تحتفل فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بمرور 50 عاماً على تأسيسها. إنه الحدث الفاصل بالمعنى الذي ضمّنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تغريدته قائلاً: إن (إطلاق الإمارات لمسبار الأمل إلى المريخ سيكون لحظة فاصلة بين تاريخين.. خمسين عاماً مضت، وخمسين عاماً قادمة). وبذلك ستكون الإمارات أول دولة في العالم العربي تنضم إلى نادي الكبار في مجال الفضاء، فوحدها الولايات المتحدة، والاتحاد السوفييتي السابق، ووكالة الفضاء الأوروبية، والهند، كانوا قد نجحوا في إرسال بعثات إلى الكوكب الأحمر، في حين تستعد الصين لإطلاق أول مركبة فضائية للمريخ في وقت لاحق من هذا العام.
بعد اليوم، لا أحد يسأل أو يتساءل: هل اقتربت الإمارات من الحلم؟ الإجابة: إننا نعيشه الآن حقيقةً عملية على الأرض، لا تفصلنا عنه سوى ساعات قليلة بقياس الزمن، لكن ما أسرعها بقياس المستقبل ونبض العصر.
إنه الحلم المُبكر للقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بعد مشاهدته لمركبة الفضاء (أبولو) عرضها أمامه وفد زائر من وكالة الفضاء الأميركية عام 1969م. إن هدف «مسبار الأمل» يتعدّى مَهمة (تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في أجواء الكوكب، وتمهيد الطريق لتحقيق اختراقات علمية) في المستقبل، ليكون المسبار جزءاً من هدف أكبر، هو بناء مستوطنة بشريّة على المريخ خلال المئة عام المقبلة، ومن ثم إعادة إنشائها في صحراء الإمارات باسم (مدينة المريخ للعلوم) بتكلفة تبلغ 500 مليون درهم (=135مليون دولار). وفي سياق عمل الإمارات على تجاوز صناعة النفط التي استُثمرت في التنمية الشاملة، فإن اقتصاد المعرفة، والاستكشاف جزء أساسي منه، هو استراتيجية طويلة المدى تؤدي إلى بناء اقتصاد معرفي زاهر.