على خطى اكتشافات وإنجازات عربية وإسلامية جمة في علم الفلك، امتدت لعدة قرون، بداية بالرازي، ومروراً بابن الهيثم، ونهاية بالبيروني، وبعد أن حقق هزاع المنصوري السبق ليصبح أول رائد فضاء إماراتي، يأتي إطلاق مسبار الأمل غداً الأربعاء، الخامس عشر من شهر يوليو 2020، ليضع علامة فارقة في تاريخ استكشاف الإنسان للفضاء الخارجي.
فمع انطلاق هذا المسبار المخطط له أن يصل إلى المريخ بحلول عام 2021، تزامناً مع ذكرى مرور خمسين عاماً على قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، تدخل الدولة بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، وهو ما تأتى عبر مرسوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بإنشاء وكالة الإمارات للفضاء، ثم انطلق مع بدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ.
ويمكن تلخيص أهداف هذه المهمة الفريدة، في دعم بناء موارد بشرية إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية، والتأسيس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة، وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار، والارتقاء بمكانة الإمارات في سباق الفضاء، ولتعزيز جهودها في مجال الاكتشافات العلمية، وإقامة شراكات دولية في هذا القطاع الاقتصادي المستقبلي.
أهمية هذا القطاع تندرج تحت ما أصبح يعرف باقتصاد الفضاء (Space Economy)، أو الاستغلال التجاري والاقتصادي للمصادر الطبيعية خارج حدود كوكب الأرض. ويتضح هذا الاهتمام من حقيقة أن حجم الاستثمار في الاقتصاد الفضائي عام 2010، بلغ أكثر من 50 مليار دولار، وأن 30 في المئة من الرحلات الفضائية في نفس العام كانت لأغراض تجارية بحتة.
ويمكن إدراك أهمية قطاع اقتصاد الفضاء من المنظور الدولي، من قيام وزراء البحث العلمي في الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي، باعتماد ميزانية مشاريع فضائية مستقبلية، على مدار خمس سنوات، بلغت قيمتها نحو 16 مليار دولار، وستدعم هذه الميزانية الضخمة مقترحات لعدة مشاريع مستقبلية، مثل مشروع اكتشاف المزيد من الفضاء الخارجي، بالاعتماد على طواقم بشرية أو طواقم من الروبوتات.
وربما كان من أهم الاستغلالات التجارية المستقبلية المؤملة للفضاء، هو المجال المعروف بتعدين الفضاء (Space Mining)، وبالتحديد تعدين الكويكبات والمذنبات، وتهدف هذه العمليات إلى تعدين المعادن الثمينة، ومن ثم جلبها إلى الأرض لاستخدامها في الأغراض الصناعية الموجهة لتلبية الاحتياجات البشرية، وهي جميعها المجالات التي قررت قيادة الدولة الرشيدة أخذ زمام المبادرة فيها، ودعم المشاريع التي تصب تجاه تحقيق السبق العلمي من خلالها، والتي من باكورتها مسبار الأمل في رحلته التاريخية باتجاه الكوكب الأحمر.