السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأمم المتحدة: الوضع يخرج عن السيطرة في لبنان

الظلام يخيم على أحد شوارع بيروت بسبب انقطاع الكهرباء جراء الأزمة الاقتصادية (أ ف ب)
11 يوليو 2020 00:16

جنيف (وكالات) 

حذّرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، أمس، من أن الوضع في لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، «يخرج بسرعة عن السيطرة».
وجاء في بيان لباشليه أن بعض اللبنانيين الأكثر ضعفاً «يواجهون خطر الموت بسبب هذه الأزمة»، مضيفة: «علينا التحرك فوراً قبل فوات الأوان».
وتوقفت عملياً المفاوضات بين ممثلي صندوق النقد الدولي والحكومة التي تسعى للحصول على دعم الصندوق.
ويتخبّط لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم وتآكلت قدرتهم الشرائية، فيما ينضب احتياطي الدولار لاستيراد مواد حيوية مدعومة كالقمح والأدوية والوقود.
وتخلّف لبنان في مارس وللمرة الأولى في تاريخه عن تسديد مستحقات سندات اليوروبوندز التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من ثلاثين مليار دولار. ثم طلب مساعدة صندوق النقد. 
ويقول مصدر لبناني مفاوض تحفّظ عن نشر اسمه: «غادر صندوق النقد الجلسة عبر الإنترنت، وتوقفت المفاوضات».
ويوضح مصدر آخر مطلع على سير التفاوض: «لم يلمس ممثلو الصندوق جدية من الوفد اللبناني، فلا أحد يريد الإصلاح، وتصارع كل جهة لبنانية من أجل مصلحتها الخاصة، بينما تترك البلد يحترق».
ومنذ مايو الماضي، عقدت 16 جلسة، وبدا التباين جلياً بين تقديرات الحكومة لإجمالي خسائر الدولة والمصارف المالية، وتقديرات المصرف المركزي وجمعية المصارف.
وقدّرت الحكومة هذه الخسائر بـ241 ألف مليار ليرة، وتدخل البرلمان عبر لجنة تقصي حقائق قالت إن الخسائر تتراوح بين 60 و91 ألف مليار ليرة. لكن صندوق النقد يعتبر أرقام الحكومة أقرب إلى الواقع.
ويقول المصدر المطلع: «إن البرلمان يتصرّف كما لو أنّه ممثل لمصالح القوى السياسية لا الشعب».
ويرى المفاوض اللبناني أن «اللوبي الذي يبدي استعداداً لأن يحترق البلد لئلا يُكشف ما قام به من ارتكابات، قوي جداً ومؤثر».
ويشهد لبنان منذ عقود أزمات متلاحقة وانقسامات عميقة حالت دون قيام دولة فعلية، وطغى منطق التسويات وتقاسم الحصص على الإصلاح، وتُوجَّه إلى السياسيين اتهامات بتقاضي رشى وعمولات على كل المشاريع العامة.
وفي أكتوبر، انتفض مئات آلاف اللبنانيين ضد الطبقة السياسية، واتهموها بالفساد والعجز. وتراجع زخم التحركات مع تفشي فيروس كورونا المستجد.
ويعيش نصف اللبنانيين تقريباً حالياً تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 في المئة. وانتحر أربعة لبنانيين خلال يومين الأسبوع الماضي بسبب ظروفهم الصعبة.
واستقال مستشار وزارة المالية هنري شاوول ومديرها العام آلان بيفاني العضوان في الوفد المفاوض، الشهر الماضي، بسبب «غياب إرادة حقيقية للإصلاح»، بحسب قولهما.
وتصرّ وزارة المالية على أنّ المفاوضات مع صندوق النقد مستمرة، وأن ما طلبه الصندوق هو توحيد الأرقام والإسراع في تنفيذ الإصلاحات. وقالت في بيان، أمس: «إن المشاورات ستستكمل في الأسبوع المقبل».
ومن بين الإصلاحات المطلوبة، تقليص النفقات العامة وتحسين الإيرادات الضريبية، وضبط الحدود، وإصلاح المرافق العامة على رأسها قطاع الكهرباء الذي كبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). ومن المقرر أن يناقش الصندوق إصلاح قطاع الكهرباء مع الجانب اللبناني في جلسة تقنية هذا الأسبوع.
ورغم تعهد الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية بالإصلاح، بقي ذلك حبراً على ورق.
ويرى مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية ناصر ياسين أنه «لا توجد نية سياسية للإصلاح». ويقول «يفضل الزعماء ألا يصار إلى إجراء إصلاحات جدية تحت ضغط صندوق النقد أو الدول المانحة أو ضغط الشارع، مقابل أن يبقى وضع البلد مترنحاً من دون أن ينهار لضمان عدم خسارتهم كل شيء».
ويعني تحقيق الإصلاحات، وفق ياسين، «تجريدهم من الكثير من أدوات عملهم وسلطتهم، واستحواذهم على الدولة والاقتصاد والمجتمع عبر شبكات تابعة لهم، وعبر تغذية المحسوبيات والزبائنية».
وأوضح مصدر غربي مطلع على مضمون المحادثات، رفض الكشف عن هويته، إن جلسة التفاوض الأخيرة «سارت بشكل سيء للغاية»، وانتهت بطلب صندوق النقد من الوفد اللبناني «التوقّف عن خداعنا».
ولفت إلى أن وزير المالية غازي وزني حاول احتواء التوتر بطلب الانتقال للبحث في نقطة أخرى، فأتاه الجواب «ليس هناك من نقطة تالية». ولم يُحدّد أي موعد بعد لاجتماع التفاوض المقبل.
ويطالب الصندوق الحكومة باتخاذ تدابير سريعة، بينها تحرير سعر الصرف والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وتقييد الرساميل بشكل رسمي، بحسب المصادر.
ومنذ انطلاق المفاوضات، ارتفع سعر الصرف من أربعة آلاف الى تسعة آلاف مقابل الدولار في السوق السوداء، فيما تفرض المصارف قيوداً مشددة على الودائع، وتمنع الزبائن من سحب دولاراتهم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©