في عام 1982، وصل سباق التسلح النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إلى ذروته. وفي يونيو من العام نفسه، تحدى مليون شخص صيف نيويورك، وتدفقوا بأعداد كبيرة على «سنترال بارك» والشوارع المحيطة بالأمم المتحدة، أثناء استضافة جلسة خاصة بشأن نزع السلاح. كانت الطاقة واضحة وملحة، حيث دعا المتظاهرون إلى تجميد نووي. ولفت الحدث، الذي كان أكبر تظاهرة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة في ذلك الحين، انتباه العالم.
التهديد الذي تشكله الأسلحة النووية، اليوم، كبير بنفس القدر الذي كان عليه قبل نحو 40 عاماً. لكن الشعور بالأهمية الملحة قد تضاءل. نحن بحاجة إلى صيحة يقظة، وقد أعطانا وزير الدفاع السابق «ويليام بيري»، مع خبير السياسة النووية «توم كولينا» ذلك. فكتابهما الجديد، «الزر: سباق التسلح النووي الجديد والقوة الرئاسية من ترومان إلى ترامب» هو بمثابة ناقوس الخطر الذي تحتاجه أمتنا – خاصة الآن.
على مدى السنوات الأربع الماضية، كان الرئيس دونالد ترامب يقوض معاهدات الأسلحة النووية. فقد انسحب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، التي وقعها رونالد ريجان مع ميخائيل جورباتشوف عام 1987. وحول الاعتراض الشديد من قبل حلفائنا، أعلنت إدارته انسحاب الولايات المتحدة من «معاهدة السماوات المفتوحة»، التي تساعد على ضمان امتثال الدول الموقعة لإجراءات الحد من الأسلحة.
وفي هذه الحالة، كما يوضح «بيري وكولينا»، فإن خطوات ترامب تكاد تكون غير مسبوقة. في عام 2001، سحب الرئيس جورج دبليو بوش الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية لعام 1972 مع روسيا. في ذلك الوقت، وصف الاتفاق بأنه من بقايا الحرب الباردة، حيث سعى إلى بناء نظام دفاع صاروخي ضخم، ليكون في حالة تأهب نووي قصوى.
بطبيعة الحال، لم يختف خطر الدمار النووي مع الاتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من كل الاحتياطات المعمول بها، فلا تزال هناك مخاطر اندلاع مواجهة حقيقية للغاية. وهذا ينطبق بشكل خاص على الحوادث أو الحسابات الخاطئة. ويتضمن الكتاب قائمة بالأحداث المروعة التي جعلت عالمنا أقرب إلى حالة الإبادة النووية – من المفاتيح المعطلة ورقائق الكمبيوتر الفاشلة، إلى أنماط الطقس غير المتوقعة والخطأ البشري. في عام 1995، على سبيل المثال، وصلت القوات النووية الروسية إلى حالة تأهب كاملة، بعد الاعتقاد خطأً أن صاروخاً علمياً نرويجياً تم إطلاقه لدراسة الأضواء الشمالية، كان صاروخاً أميركياً.

هناك حلول تضع أمتنا على مسار أكثر أماناً. أولاً، القضاء على تقدير الرئيس الوحيد لبدء هجوم نووي. وبدلاً من ذلك، سيتم تقاسم هذا القرار مع مجموعة مختارة من أعضاء الكونجرس. من شأن هذه الخطوة أن تحرم أي فرد  من القدرة الفورية وغير المقيدة على بدء حرب نووية.
وتشمل أفكار بيري وكولينا الأخرى، الانخراط في مفاوضات دبلوماسية مع كوريا الشمالية وإيران، وإنقاذ اتفاقيات «ستارت الجديدة»، وسحب مخزوننا من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وتقليص خطة بقيمة تريليوني دولار لإعادة بناء ترسانتنا النووية. تعد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات باهظة التكلفة – وكأسلحة نووية أرضية، من المرجح أن تدعو إلى هجوم استراتيجي أكثر من ردعها. وكما أخبرني كولينا: «إن الجهود المبذولة لإعادة بناء الاقتصاد، ومحاربة الفيروس التاجي، ووقف الاحترار العالمي ومعالجة الظلم العرقي، كل ذلك سيكلف مالاً. ولدينا حصالة نووية بقيمة تريليوني دولار، يمكننا استخدامها كدفعة مقدمة».
* كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»