عندما تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة متقدمة في مؤشرات مكافحة الفساد، فإن ذلك لا يأتي من فراغ، وإنما هو نتاج جهود كبيرة وسلسلة من التشريعات والإجراءات التي تم العمل على تأصيلها لتعزيز الشفافية والنزاهة وإعلاء شأنهما، حتى يعيش الإنسان والمستثمر وصاحب الأعمال على أرض تمنحهم الطمأنينة على أنفسهم وأموالهم، الأمر الذي أوصل الدولة إلى المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمرتبة الحادية والعشرين عالمياً بين البلدان الأكثر نزاهة والأفضل في مكافحة ممارسات الفساد، في مؤشر مدركات الفساد 2019، الصادر مطلع العام الجاري عن منظمة الشفافية الدولية.
وتؤكد التغريدة التي نشرها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، على حساب سموه الرسمي في «تويتر»، والتي قال فيها: «لا يوجد مكان لفاسد في مؤسساتنا، القائمة بتوجيهات القيادة الرشيدة على مبادئ خدمة الوطن والمجتمع بالإخلاص والأمانة»، و«لا مكان للفاسدين بيننا، وسيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية بحقهم»، في إشارة إلى القبض على أحد منتسبي الداخلية وشركاء له بتهمة الفساد، أن دولة الإمارات لا تتهاون في مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، فالسمعة التي حظيت بها بين الدول، والمكانة التي حققتها، لن يتم المساس بهما، ولولاهما لما تمكَّنت دولة الإمارات من أن تصبح من كبريات الدول العالمية الجاذبة للعمل والعيش والاستثمار وتأسيس الأعمال على ترابها.
دولة الإمارات التي تعمل بتوجيهات من القيادة الرشيدة، ومن خلال الأجهزة والمؤسسات المعنية على محاربة الفساد بأشكاله كافة، اتخذت على مدار سنوات عدَّة مجموعة من التشريعات والإجراءات التي تعزز من ممارسات النزاهة والشفافية والحدّ من الفساد، وذلك انطلاقاً من قاعدة أساسية تتعلق بسيادة القانون، وتجعل الجميع سواء أمامه، فلا محاباة ولا ابتزاز يمكن ممارستهما بحق أي شخص أو مؤسسة، ولا يمكن أن يُسمَح بهما تحت أي ذريعة أو سبب، والقانون أولاً وأخيراً هو السيد، وهو الحَكم، وهو المعيار الذي يبت من خلاله في حقوق الناس وحياتهم، وهو الوسيلة الأولى والركن الأساسي في تعزيز قيم العدل والمساواة والعيش تحت مظلة الرفاه والاستقرار والطمأنينة.
إن معايير العدل والمساءلة والنزاهة كانت، وما زالت، وستبقى سائدة ومطبَّقة من أجل محاربة الفساد مهما كان حجمه، أو نوعه، أو مستواه، ذلك أن التصدي للفساد ومكافحته هما الأساس في تحقيق التنمية المستدامة، والعمل عليهما لا يقتصر على الصعيد الوطني، إنما عملت دولة الإمارات على مشاركة المجتمع الدولي في جهوده الحثيثة لمنع انتشار الفساد والتصدي له، وتعاونت مع الأسرة الدولية على إنفاذ القانون بحق الفاسدين، واسترداد الأموال المنهوبة، وملاحقة أفعال الفساد، حيث بادرت دولة الإمارات إلى توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2005، وصادقت عليها في العام الذي تلاه، وانضمَّت إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد عام 2012، وغير ذلك من الإجراءات التي تؤكد إيمانها المطلق بضرورة التصدي للفساد، وتحصين أموال الناس ومقدراتهم، وضمان النهوض بمسيرتها التنموية المزدهرة بإرادة وإصرار وحرص.
لقد نظرت دولة الإمارات إلى الفساد بوصفه جريمة عابرة للحدود، تتسبب في زعزعة السلم والاستقرار، وتسهم في تدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، وتؤخر تحقيق المنجزات، وتعوق مسيرة النمو والتنمية، وتغذّي الإرهاب، وتدمر الثقة بالحكومات، ولذلك كلّه وضعت الدولة لنفسها أهدافاً وتطلعات تدعم من خلالها أي تدابير تسعى إلى الوقاية من الفساد وتعزز من النزاهة وتسخّر الإمكانيات والأدوات المبتكرة في منع الفساد والوقاية منه، بوصفه أحد أبرز التحديات المضرَّة باستقرار المجتمعات وأمنها، ويقوّض الدول والمؤسسات، ويبدد الثروات والمقدرات، ويستنزف الموارد والطاقات، وينعكس سلباً على القيم الأخلاقية ومعايير العدالة والمساواة وسيادة القانون، ويعوق خطط التنمية ومحاولات التقدم والرقي.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية