بما أن البعد الجغرافي متجذّر في تحديد بوصلة السياسة الخارجية لأي بلد، فحريّ بنا التعرف على ماهية البعد الجغرافي لكل من «إيران وتركيا وإثيوبيا» كدول مجاورة للعرب، فعبر سياق الجغرافيا السياسية بمثلثها: (الموقع، والاقتصاد، والديمغرافية والقومية)، تتضح لنا مكامن القوة والضعف ومسارات الصراع وأفق التعاون.
الموقع الجغرافي: إيران مثلاً، تجاور جميع دول الخليج العربية بحرياً، ولا حدود قارية لها إلا مع العراق. بينما إثيوبيا تجاور الصومال والسودان وجيبوتي في حدود برية، وإثيوبيا «الدولة الحبيسة»، فإنه لكونها دولة المنبع للنيل الأزرق، تربطها مصالح أمنية ومائية وتنموية مع مصر والسودان، وكذلك تركيا ينبع منها نهرا دجلة والفرات، ما يجعل لديها ورقة قوية للضغط على سوريا والعراق، إضافة إلى اشتراكها مع بعض الدول العربية في منطقة دول البحر المتوسط، ناهيك عن أهمية كون تركيا وإيران متجاورتين.
الاقتصاد، ونخص هنا فقط صراع الموارد والأراضي، حيث مؤشرات الصراع مازالت كثيرة مع إيران، مثل، استمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وعدم ترسيم الحدود البحرية مع دول الخليج العربية، ماعدا عُمان، حادثة السطو على أحد آبار حقل الفكة العراقي. ونجد تركيا وصراعها على الموارد مع اليونان والقضية القبرصية، أصبح مرتبطاً بالشمال الأفريقي العربي واستقراره. وهذا ما يفسر أطماع تركيا في ليبيا الآن.
البعد القومي والديمغرافيا: مازالت تركيا وإيران تخترقان النظام الإقليمي العربي، فالمنظور الجيوبوليتيكي التركي تجاه النظام الإقليمي العربي تبلور عبر عدة عوامل، منها نهاية الحرب الباردة، التحولات في الهوية التركية، تمدد القضية الكردية، أهمية النفط العربي والتبادل التجاري، الثورات العربية وما صاحبها من بروز للجماعات والقوى الإسلامية، وغيرها من العوامل كالنمو الاقتصادي التركي، ووجدت أنقرة في العالم العربي ساحة لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، وخلق قواعد عسكرية في مواقع مهمة وحيوية، واستغلال الصراعات لتحقيق مصالحها وصعود قوتها، كل ذلك يأتي في ظل عدم وجود وحدة في تحديد المخاطر الأمنية العربية.
أما المنظور الجيوبوليتيكي العقدي الإيراني، فينبثق من حالة الثورة الإسلامية الشيعية المستمرة العابرة للحدود، والتي تخترق سيادة بعض الدول العربية عبر استغلاها البعد الاجتماعي الشيعي في الدول العربية، ومستندةً أيضاً على النفط والغاز. 
وتتعدد القوميات في إثيوبيا بتعداد سكانها الضخم، وتسجل تقارباً بين عدد المسيحيين والمسلمين، إلا أنها تعول على تحقيق مستويات مقبولة من التنمية الشاملة لتجاوز أي احتمال للصراعات الداخلية. ثمة تقارب في البعد القومي والديمغرافي بين إيران وإثيوبيا، خاصةً إذا سلطنا الضوء على أن إرتيريا انفصلت عن إثيوبيا عام 1993، والأكراد أقاموا دولة لهم في مهاباد بإيران 1947، وأيضاً كانت هناك إمارة عربية «المحمرة». 
ختاماً، ربما تكون هذه المقالة بمثابة باكورة محفزة لقراءة دراسات وكتب عن دول الجوار من إيران، تركيا، إثيوبيا، وإسبانيا، وإسرائيل وغيرها مثل جنوب السودان، كأحدث دولة مجاورة، مع أهمية القضية الكردية في الشرق الأوسط.