عدوان تركيا على ليبيا ودعمها للإرهاب فيها قائم على الأقل منذ 2014، حين أكدت التقارير الدعم التركي لميليشيات الإرهاب في درنة وبنغازي، واستمر هذا السلوك على نحو مفضوح، وإن لم يعترف به أصحابه، حتى خرج إلى العلن بتوقيع مذكرتي التفاهم الباطلتين بين أردوغان والسرّاج بغير سند، حتى من الاتفاقية الشوهاء التي يستند وجود السراج إليها، وبالانتهاك الصارخ لقواعد القانون الدولي للبحار. 
ومن خلال تينك المذكرتين، واصل أردوغان دعمه للإرهاب في ليبيا، وانتهاكه للحقوق البحرية لدول شرق المتوسط، بتنقيبه عن النفط والغاز في مياه تخص هذه الدول، ومن خلال دعمه للإرهاب المستند إلى مذكرة التفاهم الأمنية، استطاعت ميليشيات الإرهاب أن تُحَسِّن وضعها في محيط طربلس، ثم تجرأت بمحاولة الاستيلاء على سرت، إلى أن جاءت وقفة الردع المصرية بتأييد من كافة القوى العربية التي تقف للإرهاب بالمرصاد، لكن تطورات الأيام الأخيرة أشارت إلى إصرار أردوغان على مواصلة مخططه، حتى وإن أخفق في ظل معادلة الردع الجديدة في السيطرة على كامل ليبيا، من أجل استمرار نهبه لثروات الشعب الليبي كي يمول مشروعه الإرهابي في مجمل أرجاء العالم العربي، فالرجل يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، ويتبنى في الوقت نفسه سياسات عدوانية فادحة التكلفة لا يمكن أن يتحملها اقتصاد بلاده، ومن ثم فالحل السهل هو أن يستنزف أموال تابعيه، كما اتضح من جولته الخارجية الأخيرة هو ورجاله، حيث تحدّثت التقارير يوم الجمعة الماضي عن اتفاقية عسكرية جديدة وقعها مع حكومة الميليشيات في طرابلس وزيرُ الدفاع التركي ورئيس أركانه، فما الذي تحمله هذه الاتفاقية الجديدة؟
لا نملك نصاً رسمياً لتلك الاتفاقية، لأن المعتدين وتابعيهم لا يعلنون عادة تفاصيل ما يتفقون عليه، لأنه يفضح أهداف المعتدي ومذلة التابعين، لكن التقارير أجمعت على أن الاتفاقية الجديدة تتيح لأنقرة التدخل العسكري المباشر في ليبيا، وكذلك إنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها، والأعجب توفير حصانة للقوات التركية في ليبيا ضد أي ملاحقة قضائية، من خلال إسباغ الصفة الدبلوماسية على هذه القوات! وليتخيل الجميع مدى الإمعان في المهانة للسرّاج وحكومته من هكذا نص، صحيح كما سبقت الإشارة أننا لا نملك نصاً رسمياً يؤكد ما سبق، لكن ما أجمعت عليه التقارير يتسق مع سوابق حكومة السرّاج في الخضوع التام لأردوغان ومخططاته مقابل توفير الحماية لها، وقد أصبحت فضيحة تمويل مغامرات أردوغان من قبل تابعيه من العرب مدوية، وفي آخر الشهر الماضي التقى محافظ المصرف المركزي الليبي بوزير الخزانة والمالية التركي، وأعقب هذا لقاء أردوغان شخصياً به، وهو ما يوضح الأهمية الفائقة التي توليها تركيا لعملية نهب الأموال الليبية، التي توفر مع نظيرتها من أموال عربية أخرى قبلة الحياة لمغامرات أردوغان. وكانت الصحفية الأميركية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط «ليندسي سينيل»، قد كشفت في وقت سابق أن السراج قدّم لأردوغان 12 مليار دولار أميركي في شكل وديعة في المصرف المركزي التركي، بقيمة 4 مليارات دولار و8 مليارات أخرى تحت تصرفه ثمناً لتدخله في ليبيا، أي أنه يشتري التبعية بأموال الليبيين!
لا جديد في عدوانية أردوغان وخنوع تابعيه، ويبقى السؤال هو: إلى أي مدى يظل المجتمع الدولي صامتاً أو مكتفياً بعبارات الإدانة الهادئة لانتهاكات أردوغان الصارخة لقرارات مجلس الأمن الدولي حول ليبيا ولسيادة ثلاث دول عربية، في مخالفة صارخة لقانون الأمم المتحدة للبحار، وفي ورعاية مفضوحة لـ«أممية إرهابية»، يحرك فيها أردوغان تابعيه من المرتزقة والإرهابيين عبر الحدود الدولية لخدمة مشروعه العدواني؟