واجهت دولة الإمارات العربية المتحدة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من خلال استراتيجية شاملة ومحكمة، تأسست على أولوية الحفاظ على الصحة العامة وضمان سلامة جميع أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، بما يضمن تحصين مجتمعنا في مواجهة هذه الجائحة الخطيرة التي غزت العالم فجأة، وحولته إلى جزر منعزلة. وضمن هذه الاستراتيجية، تم العمل بالعديد من التدابير الوقائية والاحترازية، ومنها تطبيق نظام العمل عن بُعد في مؤسسات الحكومة الاتحادية، وكان الهدف هو الحفاظ على صحة الموظفين وسلامتهم. 
وقد نجحت استراتيجية دولة الإمارات لمكافحة جائحة (كوفيد-19) بشكل حظي بإشادة العديد من دول العالم والمنظمات الدولية المعنية، وهو ما تتبدى مؤشراته في الكشف الدوري المبكر عن الإصابات، وتوفير أعلى درجات الرعاية للمصابين حتى يتعافوا، وارتفاع نسبة الشفاء وانخفاض أعداد المصابين بشكل ملحوظ، وهذا النجاح هيأ المناخ لاستئناف عجلة النشاط الاقتصادي مرة أخرى، فأعلنت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، في وقت سابق، عودة العمل في جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية، بحيث لا تزيد نسبة العاملين في أماكن العمل على 30% من المجموع الإجمالي للموظفين في المؤسسة، ويوم الاثنين الماضي، أعلنت الهيئة عودة موظفي الحكومة الاتحادية إلى مقار العمل بنسبة 100% اعتباراً من اليوم الأحد الموافق 5 يوليو 2020. وقد تضمن القرار إلغاء الاستثناءات كافة الممنوحة للموظفين العاملين في الحكومة الاتحادية، على أن تنحصر الاستثناءات في فئة واحدة فقط من الموظفين تشمل الموظفين المصابين بالأمراض المزمنة، بشرط تقديم تقرير طبي مفصل ومعتمد من اللجنة الطبية المختصة.
ومما لا شك فيه أن هذا القرار الجديد الذي أعلنته الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية جاء في إطار تعزيز استمرارية العمل الحكومي وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة (كوفيد-19)، وذلك على النحو الذي يدعم توجهات الحكومة الاتحادية لتقديم خدماتها وفقاً لمعايير تضمن أعلى درجات الجودة والتميز، ويشكل هذا القرار خطوة مهمة تسهم في تحقيق الأهداف الخاصة باستراتيجية الإمارات لما بعد جائحة «كوفيد - 19» التي تسعى الدولة من خلالها إلى أن تكون من أسرع دول العالم نمواً ونهوضاً، وذلك عبر استئناف مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، مع اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة كافة. 
وفي الواقع، فإن هذا القرار الجديد الذي اتخذته الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية بعودة موظفي المؤسسات الاتحادية بنسبة 100%، يعكس الاستراتيجية المرنة التي تبنّتها حكومة الإمارات خلال المرحلة الماضية للتعامل بكفاءة مع الظروف التي أفرزتها جائحة كورونا في مختلف دول العالم، وقد أحسن القرار عندما نص على الاستمرار في تفعيل نظام الدوام المرن، وتوزيع الموظفين على مجموعات عند الحضور والانصراف، لضمان تقليل التجمعات والاختلاط، ما يحقق التباعد الجسدي، وتفعيل استخدام نظام العمل عن بعد المعتمد في الحكومة الاتحادية وفق الضوابط والمعايير والأحكام الواردة فيه، والتي تضمن استمرارية تقديم الخدمات وضمان سير العمل والإنتاجية.
إن عودة موظفي الحكومة الاتحادية بنسبة 100% تشكل خطوة مهمة في استراتيجية الدولة للتعافي من التأثيرات السلبية التي فرضتها جائحة (كوفيد-19) على كل الدول واقتصاداتها الوطنية، وهي تنسجم مع الضرورات الخاصة بإزالة القيود التي تم فرضها على حركة النشاط الاقتصادي، حتى تعود الحياة الطبيعية إلى مسارها الطبيعي. وبطبيعة الحال، فإن هذه العودة لن تكون على حساب صحة هؤلاء الموظفين وسلامة المجتمع، حيث شدد القرار على ضرورة التزام الجهات الاتحادية بمجموعة من الضوابط التي يأتي في مقدمتها التقيد التام بتطبيق «الدليل الاسترشادي لبيئة العمل المكتبية والعمل من مقار العمل في الحكومة الاتحادية»، والتعليمات التي تتعلق بالصحة والسلامة المهنية، مع التأكيد على التباعد الجسدي، والأخذ بالإجراءات الاحترازية اللازمة بما يضمن سلامة الموظفين.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.