لا تتوقف قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة الرشيدة، عن مواصلة رهانها على الإنسان ودوره في صناعة التغيير، الذي يتأتى بامتلاكه كل أدوات العلم والمعرفة والمهارات، التي تجعل منه فرداً فاعلاً ومؤثراً في عملية التطوير والتقدم، حيث يُنظر إلى العلم بوصفه نبراساً للحياة والنور، وهو طريق البشرية الأقوى نحو الرقي والحضارة والتحديث، فالدول التي قطعت أشواطاً كبيرة ونوعية في التقدم، هي تلك التي اعتمدت العلم نهجاً ثابتاً في كل مناحي الحياة، حيث لا توضع برامج ولا سياسات، إلا من خلال النظر إليه كإحدى الوسائل التي يجب امتلاكها لدى الشباب، حتى يتمكنوا من تحقيق مستهدفات التنمية المنشودة، والوصول إلى مستقبل مستدام قائم على الازدهار والرخاء.
وبمناسبة افتتاح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، مؤخراً، مختبرات دبي للمستقبل، أول مختبر تطبيقي متخصص في الدولة والمنطقة في أبحاث واختبارات وتطبيقات تكنولوجيا المستقبل، ويكون حاضنة لاختبار الابتكارات الحديثة، وتصميم وتطوير تقنيات وبرمجيات ومعدات متقدمة، يتم اختبارها وتوظيفها في القطاعات الحيوية على المستوى العالمي، ومنصة تجمع تحت مظلتها الخبرات الوطنية والعالمية في منطقة 2071، قال سموه: إن دولة الإمارات، وبفضل قدرات شبابها وعزيمة مجتمعها، تنظر إلى المرحلة المقبلة برؤية إيجابية ومتفائلة، ترتكز على تصميم استراتيجيات مستقبلية متكاملة لاستباق التغيرات العالمية، والاستعداد لتحقيق قفزات نوعية في القطاعات الرئيسية التي تهم أفراد المجتمع، وجاء افتتاح مختبرات دبي للمستقبل تأكيداً على الاهتمام والرعاية الكبيرين، اللذين توليهما قيادة الدولة الحكيمة للعلوم الحديثة والتقنيات التكنولوجية، وخاصة بعد أن رسمت الدولة لنفسها خطاً واضحاً ورؤية طموحة، في التحول إلى اقتصاد معرفي مبني على المرونة والابتكار، تُعطى فيه الأولوية لتطوير معارف ومهارات الكوادر البشرية في التكنولوجيا، وتمكينها من سُبل العلوم والمعرفة وأدوات البحث والتطوير، حيث قال سموه في ذلك: «أطلقنا مختبرات دبي للمستقبل، إيماناً بأهمية الاستثمار في تنمية قطاع الأبحاث والتطوير في دولة الإمارات، ستسهم هذه المختبرات في تطوير القدرات الوطنية، وتبنّي أحدث الحلول في مجالات الثورة الصناعية الرابعة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي والأتمتة».
لقد انتهجت الدولة لنفسها مساراً دقيقاً، في تعزيز مفاهيم وممارسة الابتكار القائم على تقنيات التكنولوجيا الحديثة، وإيجاد أرض صلبة من الكوادر البشرية المؤهلة والمدرّبة، والقادرة على التعامل مع هذه التقنيات في المجالات كافة، وتعزيز التعاون والتنسيق مع أفضل الخبرات العالمية من أفراد ومؤسسات، بما يرتقي بمكانتها العالمية في تبنّي وتوظيف وتطوير التكنولوجيا في القطاعات الحيوية، كالصحة والفضاء والنقل والصناعة، وهو ما جاء منسجماً مع مختبرات دبي للمستقبل، التي تهدف إلى دعم الاقتصاد القائم على المعرفة، وتحقيق التطلعات المستقبلية في خلق أسواق وفرص عمل جديدة، وتوفير منصة تواصل بين القطاعات على اختلافها والجهات المتخصصة في توظيف التكنولوجيا الحديثة، وبما يسرّع تنفيذ المشاريع الجديدة الداعمة لجهود الهيئات الحكومية والخاصة لمواجهة التحديات المقبلة، التي تعمل على إطلاق حلول جديدة ومبتكرة في مجموعة من القطاعات.
كل تلك الطموحات تعيد إلى الأذهان كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله»، «تأملات في السعادة والإيجابية»، الذي يحمل رؤية متفائلة بالإنسان عموماً والشباب على وجه الخصوص، في إحداث التغيير عبر مواجهة التحديات، حيث يقول سموه في أحد أجزاء الكتاب: «لمَ لا نجرب أن نغير نظرتنا لبعض الأمور، ونتحلى بقليل من الإيجابية في تعاملنا مع التحديات التي تواجهنا، ونُبقي قليلاً من التفاؤل تستطيع الأجيال الجديدة أن تعيش عليه، وأن تحقق ذاتها من خلاله؟»، مضيفاً سموه: «أنا متفائل، لأن لدينا طاقات كبيرة، وشعوباً متعطشة للتطوير والعمل والإنتاج والاستقرار».
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية