الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«المعجزة الحلم».. معاًً في المستقبل

«المعجزة الحلم».. معاًً في المستقبل
30 يونيو 2020 01:59

إن عام 2020 عام مهم لكوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة للاحتفال بالذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. 
وسن الأربعين له معنى مهم في القرآن الكريم، حيث إنه سن النضج الفكري وتحمل المسؤولية. وكما يقال أيضاً في كوريا، فإن سن الأربعين هو سن عدم الافتتان الذي وصل إلى مرحلة النضج الفكري.
ويملأ كوريا والإمارات العربية المتحدة معاً الأمل والرؤية لريادة الأربعين سنة القادمة، استناداً إلى الخبرة في التعاون متبادل المنفعة والثقة العميقة، الذي تم تعزيزه على مدار الأربعين عاماً الماضية.
وخلال فترة خدمتي كسفير في دولة الإمارات منذ مايو 2019، أستمتع بأفضل المرافق الثقافية مثل جامع الشيخ زايد الكبير الجميل والرائع، وأفق أبوظبي الحديث، والمساحات الخضراء في جميع أنحاء المدينة، وشاطئ الكورنيش للعامة، ومتحف اللوفر أبوظبي وغيرها، حيث أدركت «معجزة الصحراء» التي حققتها الإمارات العربية المتحدة. فلدي احترام لامتناهٍ للقيادة الرشيدة والرؤية المتميزة والتعاطف العميق لمؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه». وأنا أجد أن فلسفة حكمه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإدارة والسياسات الوطنية للقيادة الإماراتية الحالية، وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قد أقام علاقات دبلوماسية مع كوريا قبل 40 عاماً (18 يونيو 1980).
وكانت علاقات كوريا مع الإمارات الأسرع نمواً في العلاقات الثنائية عن باقي دول الخليج وكذلك دول الشرق الأوسط. وبدأت علاقات التعاون الثنائي بين البلدين بشكل جدي، عندما فازت شركة كورية بعقد إنشاء جسر مصفح عام 1975 الذي تم بناؤه كجسر ثانٍ في أبوظبي. وتطورت العلاقات إلى شراكة استراتيجية مع مشروع محطة براكة للطاقة النووية السلمية عام 2009. وفي عام 2010 تم الانتهاء من بناء برج خليفة أطول مبنى في العالم بمساهمة شركة كورية، وبالإضافة إلى ذلك، أيضاً التعاون في تصنيع أول قمر اصطناعي إماراتي 2013، وافتتاح المركز الثقافي الكوري الوحيد في منطقة الخليج العربي عام 2016. ثم أصبحت العلاقات الكورية الإماراتية شراكة استراتيجية خاصة مع زيارة الرئيس الكوري «مون جاي إن» إلى دولة الإمارات في مارس 2018.
إن هذه العلاقات الاستراتيجية المتميزة يتم تجسيدها في مختلف المجالات، وتضم دولة الإمارات أكبر جالية كورية، حوالي 13000 شخص، ليكون ذلك بمثابة جسر بين البلدين. ويزور 3 آلاف إماراتي كوريا سنوياً للعلاج الطبي. وأتذكر زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى المستشفى في كوريا الذي يعالج فيه العديد من المرضى الإماراتيين. ولا يزال قوله في ذاكرتي «إن هناك العديد من البلدان التي تهتم بالصحة فقط وتفتقر إلى الرعاية، ولكن كوريا ممتازة في كل من الصحة والرعاية».

العلاقات الأخوية
أظهرت هذه «العلاقات الأخوية» الثمينة بين البلدين قيمتها الحقيقية خلال أزمة فيروس كورونا. يسعدني أن أصبحت كوريا والإمارات مثالاً يحتذي به المجتمع الدولي للاستجابة لفيروس كورونا من خلال التواصل المتعدد بين القيادتين، والتعاون في الإمدادات الطبية، وتبادل الخبرات مثل مركز المسح «من المركبة» لفحص فيروس كورونا.
وقد طورت كوريا والإمارات تعاوناً مفيداً للطرفين في المجالات الدبلوماسية، والدفاع، والطاقة النووية، والطاقة، والبناء، والرعاية الصحية، والعلوم والتكنولوجيا، وتواصل الدولتان الآن لتوسيع نطاق التعاون إلى الزراعة، والثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي، والتعليم (التعلم الإلكتروني).
 
زراعة الأرز
ويعد التعاون في مجال التكنولوجيا الزراعية الحديثة مجالاً آخر توليه القيادتان الكورية والإماراتية اهتماماً خاصاً. وعلى الرغم من أزمة فيروس كورونا، فقد حققت الدولتان تقدماً كبيراً في تعزيز الأمن الغذائي من خلال إكمال «أول مشروع لزراعة الأرز في بيئة صحراوية» بنجاح في أواخر مايو الماضي.
وأعلنت كوريا والإمارات إطلاق «الحوار الثقافي الإماراتي الكوري لعام 2020» بمناسبة الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية. وذلك يأتي في ظل الاعتراف المشترك بأن تعزيز التفاهم المتبادل، وإنشاء رابطة التعاطف، من خلال التبادلات الثقافية والإنسانية بين البلدين، أمر أساسي لتطوير العلاقات الثنائية.
وعلى الرغم من الصعوبات الناجمة عن فيروس كورونا، فإن سفارتنا تعتزم إطلاق مختلف الفعاليات التي أعدت لها في النصف الثاني من العام الحالي، ونتطلع إلى تلقي الكثير من الاهتمام من الشعب الإماراتي الصديق.
لقد تجاوزت كوريا الجنوبية ودولة الإمارات تحديات لا تعد ولا تحصى على مدى نصف القرن الماضي، وتحققت «معجزة على نهر هان» و«معجزة وسط الصحراء». وتقف الآن كوريا والإمارات على خط انطلاق جديد، لتحقيق قفزة إلى الأمام كبلدين قائدين في القرن الحادي والعشرين.
ويقول المثل العربي «اختر الرفيق قبل الطريق». وقد اختارت كل من كوريا والإمارات بعضهما بعضاً، كشريكين موثوق بهما، وحققتا تعاوناً مثمراً. وأنا واثق من أن كوريا والإمارات ستحققان معجزة المستقبل، كشريكين حقيقيين في الخمسين سنة، والمائة سنة القادمة، وما بعدها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©