يعد مجلس التعاون لدول الخليج العربية واحداً من أهم التجمعات الإقليمية، حيث إن المجلس ومنذ انطلاقه قبل نحو أربعة عقود، استطاع تحقيق العديد من المنجزات على الصعد كافة، ويكفي أنه وفر مظلة مؤسسية للعمل الخليجي المشترك، واستطاع الصمود والبقاء، على الرغم من التحديات العاصفة التي ألمت بالعالم العربي.
وعلى الرغم من أن المجلس ما زال متعثراً في تحقيق بعض الأهداف التي تشكل من أجلها، فإن هناك اهتماماً كبيراً من قبل الدول الأعضاء بمواصلة المجلس لمسيرته وإزالة كل ما يعترض طريقه من عقبات، ولعل انتظام الاجتماعات الدورية للمجلس وحرص كل أعضائه على المشاركة فيها بفاعلية، يؤكدان أن استمرار المجلس وبقاءه وتطويره، تمثل أولوية أساسية لكل دوله الأعضاء.
وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة، التي استضافت أول قمة خليجية عام 1981، مجلس التعاون أهمية خاصة، في ظل حرصها الشديد على تدعيم روابط الأخوة والتعاون المشترك بين الأشقاء في منطقة الخليج العربي، وهي صاحبة المبادرة دائماً والمواقف الإيجابية المستمرة، الساعية إلى تفعيل دور المجلس ونقله إلى مراحل أعلى من التطوير والأداء المحكم في المجالات كافة التي يعمل فيها. وتحظى هذه المواقف الإيجابية لدولة الإمارات تجاه مجلس التعاون بكل التقدير والإشادة من قبل الدول الأعضاء.
وتؤكد المؤشرات والمعطيات كافة، حرص دولة الإمارات العربية المتحدة البالغ على دعم العمل الخليجي المشترك، والوصول به إلى المستوى المأمول. وفي الواقع، فإن الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الإمارات لمجلس التعاون ينبثق من حرص قيادتنا الرشيدة الدائم على تعزيز منظومة التعاون الخليجي المشترك، واعتباره أولوية مطلقة، يجب أن تحظى بدعم مستمر، وقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يعتبر أن تأسيس المجلس قد حقق هدفاً سامياً، وأن على دول المجلس أن تبذل كل الجهود الممكنة لتعزيز دوره وتطويره بشكل مستمر. وفي السياق نفسه، تجدر الإشارة إلى أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أكد في أول خطاب بعد توليه رئاسة الدولة، عام 2004، حرصه على مواصلة العمل مع إخوانه في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتعزيز العمل الخليجي المشترك، وزيادة فاعليته في استكمال بناء صروح التكامل الاقتصادي والأمني والاجتماعي.
ومن هنا، فلا غرابة في أن تتصدر دولة الإمارات المركز الأول في دعم العمل الاقتصادي الخليجي المشترك وتطبيق قرارات السوق الخليجية المشتركة في العديد من المجالات؛ إذ تعد الأولى في عدد مواطني دول مجلس التعاون العاملين في القطاع الحكومي بالدول الأعضاء الأخرى بعدد 4077 شخصاً ونسبة 42% من الإجمالي. وتستحوذ الدولة على المركز الأول في عدد المشمولين من مواطني دول المجلس في التقاعد بالدول الأعضاء الأخرى بعدد 8803 ونسبة 60% من الإجمالي. كما تستحوذ دولة الإمارات على المركز الأول في عدد المشمولين من مواطني دول المجلس في التأمينات الاجتماعية بالدول الأعضاء الأخرى بعدد 4393 ونسبة 36%. ووفقاً لإحصائيات وزارة المالية، جاءت دولة الإمارات في المركز الأول في عدد التراخيص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة الأنشطة الاقتصادية بالدول الأعضاء الأخرى، بعدد تراكمي بلغ 27364 وبنسبة 47% من الإجمالي.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة للغاية على دعم العمل الخليجي المشترك، وهي ركيزة أساسية لمجلس التعاون، وتقوم بأدوار بارزة في سبيل تعميق روابط التعاون بين دول المجلس من أجل تعزيز التكامل المشترك فيما بينها في مختلف المجالات، وتنسيق مواقفها وسياساتها الخارجية وعلاقاتها الإقليمية والدولية، بما يحقق مصالحها الوطنية ويعود بالفائدة على شعوبها، التي تتوق إلى الوصول بمستوى التعاون المشترك بين دول المجلس إلى أفضل مستوى ممكن.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية