الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

مسافر.. لا يسافر

مسافر.. لا يسافر
23 يونيو 2020 00:29

هل سمعت سابقاً عن هذا النوع من المسافرين، مسافر.. لا يسافر؟ شخص تجالسه وتستمع لشرحه عن مكان سياحي أو وجهة غير مطروقة، يسهب في الوصف وسرد المعلومات الدقيقة بتفاصيلها، مع عدم إغفال الأسعار والتوجيهات وأفضل الأوقات، وعندما تسأله متى سافرت يا فلان إلى هذا المكان؟ يهز رأسه مبتسماً ويرد: «أنا أصلاً في حياتي ما سافرت»!، تجد عنده معلومات غريبة لا يعرفها المسافر العادي، فمثلاً: هو يعرف أن روسيا أكبر من كوكب بلوتو، وأن 60% من بحيرات العالم موجودة في كندا، وتراه يبتسم وهو يخبرك بأن فلندا فيها ما يقارب من 180 ألف جزيرة.
قد تمنع بعض الظروف والاعتبارات محبي السفر من ممارسة هذه الهواية، مثل التحديات المادية أو اللوجستية أياً كانت، ولكن هذا لا يمنع فئة كبيرة منهم من ممارسة هذه الهواية، دون أن يغادر أريكته أو غرفته، فتراه محاطاً بعشرات المجلات والدوريات التي تتحدث عن السفر، وهو في الوقت نفسه قارئ مثقف مبحر في «أدب الرحلة»، يتنقل من بلد إلى آخر من خلال صفحات الكتب التي تتحدث عن الترحال والسفر، وتراه بالإضافة إلى هذا محاطاً بعدد مهول من الأدلة والكتيبات والنشرات السياحية التي تصف المدن والدول والوجهات، ويخصص هذا المهووس الكثير من وقته لمتابعة الأفلام الوثائقية السياحية التي تتحدث عن الوجهات بإسهاب، وترى لمعان عينيه عندما يمر ذكر مدينة طالما تمنى أن يسبر أغوارها ويتعرف على خفاياها، كما تراه مترصداً لحسابات مشاهير التواصل الاجتماعي على «اليوتيوب»، ويهتز قلبه طرباً حيناً وحزناً حيناً آخر، وكم علق «ساخراً» على بعض هذا التقارير، منتقداً عدم معرفتهم بالبلد التي يسافرون إليه، كما تراه متابعاً لجميع مشاهير السفر والسياحة الذين يضعون أمام أسمائهم لقب «خبير سفر»، ويهز رأسه مستهزئاً ببعض إنتاجهم الذي لا تشاهد فيه إلا وجه «الخبير»، أكثر مما ترى من مناظر طبيعية، فيقول في نفسه: هل هي قناة للترويج للسياحة؟ أو للترويج لملامحك الجميلة وتصفيفة شعرك الحديثة؟ كما ترى هذا المحب للسفر شغوفاً بالأرقام والإحصائيات والمعلومات الغريبة، فتراه منتعشاً وهو يخبرك بأنه متأكد -يا خبير السفر والسياحة- بأنك لا تعلم بأن هناك بلدة في النرويج اسمها (أ-A) فقط، وأن طول السواحل في الكرة الأرضية يعادل المسافة بين الأرض والقمر، ويتحداك بأنك لا تعلم بأن الصين كلها تعمل ضمن توقيت زمني واحد، رغم أنها تقع في خمس مناطق زمنية مختلفة، وسيقفز ليقطع حديثك عن زيارتك لموناكو الفرنسية، ليخبرك بأن مساحتها أصغر من حديقة «سنترال بارك» في نيويورك.
هذا النوع من المسافرين يتمتع بالسفر كمعلومة، ويفتقدها كتجربة، أنصحك بأن تبحث عن مسافر لا يسافر، وصاحبه فإن في صحبته متعة لا تضاهيها متعة، خاصة مع منع السفر هذه الأيام، وأزمة الحجر «الكوروني» الخانقة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©