حسناً فعل اتحاد الكرة الإماراتي عندما أصدر قراراً بإلغاء دوري الخليج العربي لموسم 2019 - 2020، الأمر الذي يحول دون تسمية بطل له، لكنني في الوقت ذاته متحفّظ شأني في ذلك شأن سواي من مشجعي الكرة الإماراتية على قرار إلغاء مباراة نهائي كأس رئيس الدولة.
فور صدور قرار إلغاء الدوري رسمياً، انشغل الشارع الرياضي الخليجي به، وأصبح حديث وسائل الإعلام، كما انفتح باب النقاش بين رواد المنتديات على مصراعيه، وهم الذين يتجادلون حتى هذه اللحظة بشأنه، فكل يفسر القرار ونتائجه من زاويته، غير أنني أحسب أن القرار انحاز في المقام الأول للمصلحة العامة، وراعى الظروف قدر الإمكان، ووقف على مسافة واحدة من جميع الأندية، مستنداً إلى مبررات قوية تم رصدها وتحديدها بتسع نقاط تضمنها بيانه بشكل يوضح أن استكمال الموسم غير ممكن، مع الاعتراف الكامل بأن أضراراً لحقت بأندية بعينها، خصوصاً رباعي الصدارة، وفي مقدمته شباب الأهلي والعين. فعمر المسابقة 7 مباريات (21 نقطة)، وبالتالي كان من الممكن أن تُقلب الأوضاع وبالتالي سيكون من الصعب منح اللقب لنادٍ محدد، وعليه فإن قرار حجب التتويج هو الأقرب للعدالة.
لحق الضرر بالجميع وبنسب متفاوتة، لكن الأمر خارج عن إرادة إدارة الاتحاد، والذي سلك مساراً ديموقراطياً عندما طلب رأي الأندية التي وافقت بالأغلبية على إلغاء المسابقة بعدما بات سيناريو استكمالها أقرب إلى المستحيل، خاصة أنها متوقفة منذ 15 مارس الماضي. ولعل الشيخ راشد بن حميد النعيمي، رئيس الاتحاد، كان متحمساً لاستكمال الدوري، لكن عوامل عديدة حالت دون تحقيق ذلك، ومن بينها انخفاض لياقة اللاعبين بعد توقفهم عن التدريب فترة طويلة، وإجراء الأندية صفقاتها بشأن عدد من اللاعبين الذين انتقلوا فعلياً من أندية إلى أخرى، إلى جانب غياب اللاعبين الأجانب الموجودين في بلدانهم ولا يستطيعون العودة بسبب حظر الطيران، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.
صحيح أننا - جمهور الكرة - اشتقنا لعودة الحياة إلى ملاعب الكرة، إلا أن أغلبيتنا أمْيَل إلى عدم الاندفاع باتخاذ خطوة غير محسوبة ربما تكون أضرارها أكثر من منافعها. ثم علينا ألا ننسى أن المسابقات المحلية ليست غاية بحد ذاتها، إنما هي وسيلة هدفها الأساسي هو رفد المنتخبات الوطنية بالعناصر القادرة على تمثيل البلاد دولياً.
لكل الأسباب السابقة ولسواها، فإننا ندعم قرار اتحاد الكرة، خصوصاً أن كرة القدم في بلادنا ليست أهم على الإطلاق من الأنشطة الاقتصادية والتعليمية وغيرها من الأنشطة التي كانت قد تأثرت بسبب جائحة «كوفيد - 19»، والتعافي مما حدث مسألة تتطلب وقتاً. من ناحية أخرى، الكرة ليست على الإطلاق أهم من صحة الإنسان (اللاعب والمدرب والإداري والجمهور). وعلى صعيد الجمهور، فإنني لا أظن أنه سينسجم مع قرار العودة إلى المباريات من دونه. فجمهور الكرة هو ملح الملاعب، ما يعني أن حضوره مهم لاستكمال عناصر اللعبة بما فيها من تشويق وإثارة.
إن كرة القدم بغياب جمهورها المتحمس دوماً، تفقد سحرها وبريقها بل وإنسانيتها كذلك. وبينما غضب البعض لأن مباريات الدوري لم تُستأنف أسوة بما حدث في مصر والسعودية، إلا أن الأشقاء في كلا البلدين - من المتابعين لشؤون الكرة - أشادوا بالقرار الإماراتي، وطالبوا اتحادي الكرة عندهم أيضاً بعدم استكمال الدوري، لكن لكل بلد ظروفها ورؤيتها وقراراتها، وصدق العقاد الذي قال:
ويشقى المرء منهزما
ولا يرتاح منتصرا
ويبغى المجد في لهف
فإن يظفر به فترا