على امتداد تاريخ دولة الإمارات ومنذ اللحظات الأولى لتأسيسها، كان الإعلام الوطني شريكاً أساسياً وفاعلاً في مسيرة الاتحاد ورافعة من روافع النهضة والتنمية، وكان له دوره المشرِّف في حمل مشاعل التنوير، وقيادة الرأي العام وتوجيهه بما ينسجم مع المصالح الوطنية العليا، والتوعية والتعريف بالمشاريع والمبادرات والرؤى والطموحات التي تتبناها القيادة الرشيدة لتحقيق الحياة الأفضل لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.
ولطالما كان الإعلام الإماراتي وفي كل المحطات التي مرّ بها مشوارنا الوطني، العين التي يرى بها الإنسان الإماراتي، وكل من يعيش على أرض هذا الوطن صورة حقيقية لكل جوانب الحياة فيه، والمرآة التي تعكس تلك الصورة إلى العالم ليتعرف من خلالها على تجربة عرف عنها شغفها بالتميّز وعشقها للمراكز الأولى وسعيها إلى الريادة والتفرد.
في كل المراحل التي مرّ بها والقفزات النوعية التي حققها، التزم إعلام الإمارات بكل صنوفه مسموعاً ومرئياً ومقروءاً، بمسؤولياته ولم يتخلَّ عن دوره كسلطة رابعة، وتحمَّل المسؤولية بأمانة ومارس دوره الرقابي بتجرّد وحرص على أن يكون رديفاً وداعماً لصانع القرار، حريصاً على المصداقية والدقة والموثوقية، بعيداً عن التهويل والتضخيم والبحث عن السبق الموهوم الذي لا يقوم على حقائق واضحة ودامغة، وكانت له بصماته في الإشارة إلى مواطن الخلل حيثما وجدت، والكشف عن التجاوزات والوقوف بالمرصاد لكل ما قد ينعكس سلباً على سمعة الوطن.
يروي الإعلام الإماراتي كل يوم قصصاً ومآثر ومفاخر وطن خاض التحديات في كل المجالات وواجهها بكل اقتدار وإصرار على بلوغ القمم، وألغى من قاموسه كلمة مستحيل، ويقف في الخطوط الأمامية لمواجهة الأزمات التي قد تطرأ بين الحين والآخر ليشكل واحداً من جدران الصدّ المنيعة ضدها ويسعى بكل ما أوتي من مهنية وحرفية إلى التقليل ما أمكن من انعكاساتها وآثارها على الإنسان، باعتباره الهدف الأسمى والمحور الذي تدور حوله كل الجهود الساعية إلى التحسين والتطوير.
ومنذ ظهور جائحة كورونا انبرى الإعلام الإماراتي يكافح الوباء ووقف في الخطوط الأمامية التي تتصدى له، فحمل راية التوعية والتثقيف بأساليب مواجهة الأزمة وكيفية العمل على احتواء تداعياتها المختلفة، وكان له دوره المهم والمؤثر في شحذ الهمم ورفع المعنويات وتحقيق التكامل في جهود السيطرة على الفيروس وقام بدوره كحلقة وصل بين الجهات المعنية بإدارة الأزمة وأفراد المجتمع، كما كان له دوره في الجانب الوقائي الذي تمثل في تنفيذ حملات متنوعة وشاملة لتعزيز الوقاية من الإصابة بالعدوى وتسليط الضوء على أحدث التطورات في هذا السياق على المستوى العالمي ونقل الخبرات الدولية في مكافحة المرض وما يتمّ إنجازه، سواء على صعيد الأدوية أو اللقاحات بشكل فوري وعلى مدار الساعة، بحيث يبقى الإنسان في الإمارات على اطلاع تام بكل التفاصيل المتعلقة به.
لقد شكّلت الندوة التي نظمتها صحيفة «الاتحاد» وهي واحدة من المؤسسات الإعلامية الوطنية التي تميّزت إلى جانب شقيقاتها الأخرى في مجال التصدي للجائحة وسخّرت إمكاناتها ومقدراتها كافة لدعم الجهود الوطنية لاحتواء الوباء والسيطرة عليه وتعبئة الرأي العام خلفها، والتي جاءت تحت عنوان «تعامل الإعلام الإماراتي مع أزمة فيروس كورونا المستجد»، مناسبة مهمة وفرصة طيبة لمناقشة هذه التجربة من مختلف جوانبها وأبعادها وحيثياتها، وذلك لتأكيد الإيجابيات وتعظيمها واستخلاص الدروس التي ترسخ هذه التجربة وتعززها وتجعل منها مرجعاً في إدارة الأزمات والسيطرة عليها إعلامياً، وكذلك الوقوف على السلبيات وتلافيها وتجنب الوقوع فيها حتى تظل صورة إعلامنا الوطني ناصعة ويظل بكل مكوناته ومؤسساته موضع الثقة والاحترام والتقدير محلياً وإقليمياً وعالمياً.
نعم، أثبت الإعلام الإماراتي أنه على قدر المسؤولية وأهل لها، وتعامل بكفاءة مع أزمة أرهقت أكبر وأقوى وأعرق دول العالم ومؤسساتها الإعلامية، واستلهم في هذه التجربة المتميزة رؤية وتوجيهات قيادتنا الحكيمة التي حوّلت الأزمة إلى فرصة لتقديم نموذج جديد للعلاقات بين دول العالم يقوم على أساس التعاون والتضامن والتكامل بدلاً من الصراع والنزاعات والتنافر.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.