وأخيراً، تم التعرف على عقار يمكنه خفض الوفيات الناتجة عن فيروس كورونا، هذا العقار، أو «الديكساميثازون»، ينتمي لطائفة السترويدات من العقاقير، والتي من أشهر أعضائها عقار الكورتيزون، وهو ليس بالعقار الجديد، بل يستخدم على نطاق واسع منذ نهاية عقد الخمسينيات لعلاج العديد من الأمراض، مثل التهابات المفاصل المزمنة، ونوبات الحساسية الشديدة، والأزمة الشُّعبية، والعديد من الأمراض الجلدية، وغيرها الكثير، خصوصاً ما يعرف بأمراض المناعة الذاتية، هذا بالإضافة إلى أنه زهيد الثمن، حيث لا يتعدى ثمن الجرعة اليومية منه بضعة دراهم، كما أنه متوفر على نطاق واسع، ويتم تخزين مئات الآلاف من الجرعات منه بشكل روتيني، من قبل معظم نظم الرعاية الصحية حول العالم.
ووفقاً لدراسة صدرت الثلاثاء الماضي، عن علماء جامعة أوكسفورد البريطانية، أظهر العقار قدرته على خفض الوفيات بين المرضى الذين يتم علاجهم بأجهزة التنفس الاصطناعي بمقدار الثلث، وبمقدار الخمس بين من يتلقون العلاج بالأوكسجين فقط، كون الوفيات بين هذه المجموعة منخفضة أصلاً، مقارنة بمن يحتاجون لأجهزة تنفس اصطناعي، وحسب القائمين على الدراسة، كان بالإمكان إنقاذ حياة خمسة آلاف شخص في بريطانيا وحدها، لو استُخدم هذا العقار منذ بداية الوباء الحالي.
ويندرج هذا العقار، كشأن العديد من أفراد طائفة السترويدات، ضمن ما يعرف بالعقاقير المضادة للالتهاب، كما أنه يتمتع بالقدرة على تثبيط ردة فعل جهاز المناعة، وهي الخواص الفاعلة في خفض الوفيات بين المصابين بالمضاعفات الخطيرة لفيروس كوفيد-19.
ومن بين المضاعفات الخطيرة التي يتعرض لها مرضى كوفيد-19، ما يعرف بالعاصفة المناعية، والتي هي ببساطة رد فعل مبالغ فيه من قبل جهاز المناعة، لمكافحة العدوى، مما يتسبب في ضرر أكبر لأعضاء الجسم الحيوية، وبشكل أكبر وأخطر أحياناً من العدوى ذاتها، وفي تلك الحالة، تُغرق الخلايا المناعية الرئتين، وتهاجم خلاياها، بدلاً من أن تعمل على حمايتها، كما أن الدم يبدأ في التسرب من الأوعية الدموية، ويصبح أكثر قابلية للتجلط وتكوين جلطات دموية ذات عواقب وخيمة، كما ينخفض ضغط الدم بشكل كبير، ويؤدي رد الفعل هذا المبالغ فيه، إلى فشل الأعضاء الحيوية وتوقفها عن العمل، وهو ما يحاول العقار المذكور منع حدوثه.
ويذكر هنا، أن هذا العقار لا يحقق أي وقاية ضد الإصابة بكورونا، كما أنه ليس ذا فائدة بالمرة للمصابين بالأعراض الخفيفة من المرض، وهم ليسوا بحاجة لأوكسجين أو تنفس اصطناعي، كما يجب أن يؤخذ تحت إشراف طبيب، لما قد ينتج عنه من مضاعفات جانبية.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية