«لجائحة كورونا» وجع تحسسته الإنسانية، وما وجدت له دواء، وصدمة قوية إلى الآن ما أفاقت منها، رغم أن منا من بدأ يخرج تدريجياً، وعلى حذر من المخابئ الصحية. 
«لجائحة كورونا» أحكام عرفية خضعت لها الإنسانية تحت الإكراه، ولكن للجائحة أيضاً دروساً، نحتاج إلى فكر صاف من أجل أن نستوعبها، لعلها تكون ضوءاً لنا ينير ما تعتم في مناطق الاشتغال والتوقع.
مؤكد أن نظاماً عالمياً جديداً سيبنى على أنقاض هذا «الخراب»، وبالطبع لن تكون الرياضة وكرة القدم في منأى عن هذا التقويمالذي يفرضه إنقاذ الصروح المالية الآيلة للسقوط بفعل الحجر. 
قطعاً من المستحيل، أن تعود كرة القدم، بزوال «الجائحة»، إلى ما كانت عليه من قبل، في تنظيماتها الرياضية، وفي نظام توقعاتها الاقتصادية.. من المستحيل ألا تكون الأشجار وارفة الظلال لكرة القدم، والتي كان الكثيرون يظنون أنها تنعم بالسكون وتتطاول في عنان السماء، قد تأثرت من التيارات الباردة وحتى الجافة التي هبت عليها، حتماً هناك حاجة إلى إعادة توزيع الأدوار، وترتيب الأولويات.
هناك حاجة لأن ترفع كرة القدم من نسبة التأمين على الجائحات والعوارض، و«الفيفا» وكل الاتحادات القارية محتاجة لكي تؤمن على هذه الثروة التي تؤتمن عليها، والتي تمثل اليوم للاقتصاد الرياضي العالمي قيمة استثمارية كبيرة جداً، بأن توجد صندوقاً لمواجهة العوارض ومقاومة القوى القاهرة، وهناك حاجة أيضاً لكي ينتبه العالم إلى الفوارق الشاسعة بين كرة القدم في قاراته، فقد أظهرت «جائحة كورونا» أننا نتحدث في الغالب عن كرة قدم واحدة بتنظيماتها وقوانينها وشغفها، ولكن في الواقع هناك الكثير مما يفرق بين كرة القدم في قارتي أفريقيا وأوروبا، فكيف لنا أن نتحدث عن مصير واحد ومستقبل واحد، وكرة قدم هنا ليست هي كرة القدم هناك؟
هذه واحدة من الأدوار الموكولة للاتحاد الدولي لكرة القدم، وأبرزتها بشكل كبير «جائحة كورونا»، أن تتقلص الفوارق بين القارات والدول، وهي اليوم بحجم الجبال، أن تضيق المسافات وهي اليوم بحجم البحار، أنا لا أقول أن يوقف «الفيفا» حركة التاريخ، وأن يعطل المسير الخرافي لأندية واتحادات اجتهدت وأبدعت أنماطاً تدبيرية متقدمة، لتصل بكرة القدم إلى ما هي اليوم عليه، ولكنني مع آلية عملية تنهض بالدول والاتحادات البطيئة في ممشاها، لكي تسرع الخطى، وهي المالكة لرأسمال بشري غني ولممكنات كبيرة، من أجل تطوير منتوجها الكروي.
لقد أظهرت «الجائحة» مشهداً كروياً عالمياً، كنا نراه من قبل معتلاً ومختلاً، وبه الكثير من التفاوتات، ولكن ما تأكد لنا اليوم، هو أنه مشهد لا يقوم على العدل والمساواة، ولا مجال للحديث فيه عن المصير المشترك.