يعد اليوم الاستثمار في الإرهاب المحلي أو الدولي أو عابر القارات، وما يرتبط به من أفراد وجماعات وشركات وحتى حكومات من أقوى الاستثمارات التي تدار بيد متخصصين ومستشارين وبيوت قانونية، لا هواة، وحديثي نعمة أو باحثين عن الثروة، وكما أن الجماعات الإرهابية تحارب عن بُعد، وبالإنابة أو بالتوكيل عن الآخرين، كذلك تدار ثرواتهم بالإنابة عنهم، وبالتوكيل منهم، وعن بُعد كذلك، لذا لا تعجب كيف تقدر جماعات من المرتزقة والعاطلين عن العمل والمتعاطين الكيف والفكر التكفيري أو المخدرات، والمرضى بالشر نتيجة دخولهم في صراعات دموية أو حروب خاسرة، أو من المطحونين اجتماعياً، أن تنمو بسرعة مذهلة وفي فترات قصيرة، بحيث لا تنقصها الموارد المالية ولا بيع الطاقة ولا الأمور اللوجستية المعقدة، وتتصدى لدول، تجتزئ من حدودها، وتحتل مدنها، وتقتل وتنشر الفساد، وتسيطر على النفط، وتهرب الآثار، وتفتك بالمكتسبات الوطنية.
لعل أهم ما تعتمد عليه مدخلات الاستثمار في الشر، والتجارة بالإرهاب، بيع السلاح وملحقاته، وهو اليوم سوق كبيرة، والكل يدبك في ساحتها، الحكومات وبعض أجهزتها الأمنية، والشركات المتعددة الجنسيات، والمهربون وسماسرة السلاح، ورجال فاسدون في كل مكان، ووظائف ومراكز مرموقة، وعصابات تتاجر بالمخدرات والجنس والعبودية الجديدة، الكل يريد أن يغسل أمواله، ويبيضها، مثلما يريدون أن يبيضوا وجوههم القبيحة ليحولوها إلى وجوه خير أمام الإعلام الدولي، وأمام المراهنات السياسية، والمغامرات الجديدة.
تجارة الشر تكبر، وتتوسع لأنه لا نهاية للموت، ما دام هناك أبرياء وفاسدون، ما دام هناك ذئب وحمل، وراع غير مسؤول عن رعيته، ولا نغتر كثيراً بطاولات المؤتمرات المستديرة، فحولها يتجمع لاعبون ماكرون تسيّرهم مصالحهم الوطنية الشخصية قبل الإنسانية، ولا نفع من بكائهم فدموع التماسيح لا تجف سريعاً.
الخوف أن هذا الاستثمار الشيطاني يكبر، بحيث لا تستوعبه الدول اللاعبة، ويصبح الأمر والنهي، وتحريك خيوط اللعبة في يد أجهزة وأفراد وشركات، خلقت لتعبث، وتلعب لعبةً فوضاها يدّعون أنها خلاّقة، يبحثون عن متناقضات المجتمعات، ونقاط ضعفها ليتسللوا لها، ومن خلالها ليمشطوها، ويمدوا خيوطهم العنكبوتية اللزجة، لتحريكها أو شلّ حركتها، المهم أن تتدفق خيراتها لجيوبهم، ومصالحهم الوطنية الضيقة، دونما أي أخلاق أو قيم إنسانية وحضارية وجدت ليكون العالم بسلام دائماً.. وتسامح أبداً.. بعيداً عن شراكة الشر والمتاجرة بالإرهاب!