لم تكن جلسة المجلس الوطني الاتحادي الأربعاء الماضي الأولى من نوعها التي تُعقد عن بُعد، ولكنها من جلسات قليلة لامست بحراراتها نبض ما يجري من أصداء وتفاعلات، خاصة وهي تقارب موضوعاً يراوح مكانه بصورة لا تتناسب وكل الدعم له والبيئة المتوافرة لإنجاحه، لأن البعض لا زال يصر على توطين التوصيات الخاصة بالتوطين في أدراج المكاتب كونه يفتقد الرؤية الواضحة في التعامل مع الملف رغم كل هذه العقود المتتالية ومئات الخريجين الذين تدفع بهم الجامعات لسوق العمل سنوياً، ناهيك عن الخبرات المتراكمة للكوادر العاملة في مختلف الميادين والمجالات.
كانت الجلسة تتعلق بمناقشة مستوى الخدمات المقدمة من مشغلي خدمات الاتصالات، وهي خدمات لا تحظى برضا المتعاملين ومستوى طموحاتهم وتطلعاتهم في وطن يمضي بكل قوة للتحول الرقمي والخدمات الذكية واقتصاد المعرفة لكنها تحولت في الدردشات الافتراضية للعامة لمناقشات أوسع تتعلق بإخفاق المشغلين في ملف التوطين، وكان أكثر الانتقاد لـ «اتصالات» التي تراجعت فيه بعد أن كانت لها الريادة والسبق وحلم الخريجين. فإذا بها تنكشف على واقع مرير خاصة بعد إخفاق مجلس الإدارة مؤخراً في العثور على كفاءة إماراتية لشغل منصب تنفيذي رفيع وإسناده «بالإنابة» لغير مواطن، بصورة أثارت الغضب وارتفعت معها الدعوات لاستقالة المجلس نفسه الذي فشل في تبني خطط وبرامج تصنع قيادات من الصف الثاني والثالث في المؤسسة العتيدة.
لعل هذا الواقع المرير هو الذي تسبب في عدم حضور ممثلي المشغلين اجتماعات لجنة «التقنية» في المجلس، مما أغضب الأعضاء ورئيس المجلس معالي صقر غباش الذي عقب على الأمر قائلاً «آمل ألا يأتي اليوم الذي تقول فيه الشركات المشغلة لهيئة تنظيم الاتصالات لا تراقبوا أداءنا». وكان معاليه قد أكد خلال الجلسة عند مناقشة محور التوطين حقيقة يلمسها الجميع بأن «التوطين في شركات الاتصالات قبل 20 عاماً أفضل بكثير من اليوم، والمجلس يسأل ما هي سياسة التوطين في هذه الشركات ونريد إجابات واضحة»، وكل من تابع الجلسة وتغطيتها في وسائل الإعلام يتساءل بدوره هل المجتمعات تتقدم أم تتأخر في معالجتها؟.
ما يجري في شركات الاتصالات ينسحب على العديد من المؤسسات والشركات شبه الحكومية والمصارف وبالذات «الوطنية» منها، الأمر واضح ومستمر في ظل غياب برامج واضحة لحل الملف «الشائك» عند البعض!.