في الوقت الذي تتجه فيه أعداد الوفيات الناتجة عن وباء كورونا المستجد، بخطى متسارعة نحو حاجز نصف المليون وفاة، يلاحظ أن هذه الوفيات تتسم بصفات وخصائص معينة، مثل تحمل كبار السن والمرضى المصابين بأمراض مزمنة للسواد الأعظم من تلك الوفيات. وكما يلاحظ وجود فروقات وتباين واضح في معدلات الوفيات بين شعوب ودول العالم المختلفة، نجد أيضاً تبايناً مماثلاً بين فئات المجتمع الواحد، بناء على الظروف الاجتماعية وعلى الخلفية العرقية أو العنصرية.
ففي بريطانيا مثلاً، وبناء على تقرير صدر مؤخراً عن إحدى الجهات الصحية الحكومية (Public Health England)، اتضح أن أفراد الأقليات العرقية من أصحاب الأصول الأفريقية أو الآسيوية أو الكاريبية، يتعرضون بشكل أكبر لخطر الوفاة من كورونا، مقارنة بالبيض من ذوي الأصول الأوروبية، دون أن يكون هناك سبب واضح. فمن هم من أصول بنجلادشية مثلاً، يزيد احتمال وفاتهم بسبب المرض، بمقدار الضعف عن البيض، ومن هم من أصول صينية، أو هندية، أو باكستانية، أو أفريقية، أو كاريبية، تزداد احتمالات وفاتهم بنسبة تتراوح ما بين 10 و50 في المئة، مقارنة بالبريطانيين البيض.
وعلى المنوال نفسه، يتعرض الأميركيون من أصول أفريقية، أو من أصول لاتينية، أو من السكان الأصليين من الهنود الحمر، لمعدلات أعلى من الإصابة بالمضاعفات الخطيرة لكوفيد-19، تبلغ 34 في المئة، مقارنة بالأميركيين البيض والتي تبلغ النسبة بينهم 21 في المئة فقط، كما تتحمل تلك الأقليات نسباً أعلى بكثير من الوفيات. ولا يمكن رد هذه التباينات إلى اختلافات وراثية أو جينية، وإنما للفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي تحيا فيها تلك الأقليات، بالنسبة لباقي فئات المجتمع. فالكثير من أفراد تلك الأقليات لا يمكنهم ممارسة التباعد الاجتماعي، بسبب معيشتهم في أماكن مزدحمة، دون المستوى غالباً، كما أن الكثير منهم يعملون في وظائف أساسية، ودنيا أحياناً، لا تسمح بتفعيل إجراءات الوقاية والتباعد بشكل يومي. أضف إلى ذلك أن نسبة كبيرة من أفراد تلك الأقليات، مقارنة بباقي فئات المجتمع، مصابون بأمراض مزمنة، مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وهي الأمراض التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً باحتمالات التعرض للمضاعفات الخطيرة لكوفيد-19، في الوقت الذي تنخفض بينهم أيضاً معدلات التغطية التأمينية الصحية، مقارنة بباقي فئات المجتمع الأميركي.