منذ اندلاع ما يسمى بثورات «الربيع العربي» لعب ذراع «التنظيم الدولي للإخوان» في اليمن دوراً رئيسياً على مستوى الداخل اليمني والمحيط الإقليمي، فهذا الفرع دون غيره من أفرع التنظيم كان يمتلك جزءًا من السلطة السياسية فيما انتجه انقلاب 1962 من محاصصة سياسية وقبلية داخل البيت الزيْدي، حزب «الإصلاح» اليمني كان حالة خاصة بين كافة أذرع التنظيم وكذلك حالة خاصة داخل التركيبة السياسية اليمنية.
وجدت قيادات حزب «الإصلاح» في رياح الفوضى فرصة لتصفية حساباتها مع الرئيس السابق علي صالح، وفعلاً دخلت في خط مواجهة مباشر وصلت لحدها الأقصى بمحاولة اغتياله في مسجد النهدين. حزب «الإصلاح» كان ينفذ مشروعاً واسعاً يتمثل بالإمساك باليمن كدولة بمؤسساتها وقوتها العسكرية، فهذه هي المهمة التي أوكلت لفرع اليمن بعد أن سقط حكم «الإخوان» في مصر على إثر ثورة 30 يونيو 2013.
المهمة استدعت تنازلات من قيادات حزب «الإصلاح» التي وجدت نفسها بعد انطلاق «عاصفة الحزم» بحاجة لمناورة ضرورية، فكان التنفيذ على الأرض بتسليم «الحوثيين» مدينة المكلا بعد أسبوع واحد من «عاصفة الحزم» وبعدها بيومين فقط أعلن حزب «التجمع اليمني للإصلاح» نفيه الارتباط بـ«التنظيم الدولي للإخوان» معللاً ذلك بمراجعة فكرية اقتضت فك الارتباط بين الحزب والتنظيم، وبذلك يمكن للحزب الاستمرار في مواقع جغرافية يصنف فيها كيان إرهابي محظور.
يصف أحد قادة الصف الثاني من حزب «الإصلاح» البراءة من التنظيم بأنها أشبه ما تكون بلبس عباءة نسائية للفرار من الموت، فالغاية تبرر الوسيلة وتبدو فكرة المراجعات الفكرية قد نجحت في امتصاص الشبهات حول علاقة الحزب بالتنظيم واستطاع حزب «الإصلاح» التسلل إلى السلطة السياسية اليمنية بعد انقلاب داخلي أقصي به نائب الرئيس خالد بحاح، ودفع بالجنرال علي محسن الأحمر لمنصب النائب في الجمهورية اليمنية ليبسط الحزب نفوذه السياسي والعسكري في مؤسسات الدولة.
محطات متعددة بدأت من أبريل 2016 استهدفت في عمقها العلاقة السعودية الإماراتية ضمن استراتيجية «التنظيم الدولي» لتفكيك دول المحور العربي (السعودية ومصر والإمارات) سلسلة الأزمات المفتعلة من سقطرى إلى المهرة وحتى عدن وغيرها من الأزمات التي تزايدت خلال السنوات الأربع الأخيرة فظلت محصورة في خيبة كبرى من عدم القدرة على التأثير في العلاقة السعودية الإماراتية في ملف اليمن.
الطارئ ظهر مع تصاعد الخطاب السياسي لشخصيات مرتبطة بحزب «الإصلاح» بدأت بحملة مطالبة بتدخل تركيا في اليمن على غرار ما يحدث في ليبيا، وفيما يسعى حزب «الإصلاح» إلى تحويل اليمن لحديقة خلفية للنفوذ التركي، خاصة وأنه بات يمتلك المساحة الجغرافية الواسعة التي يمكنه من خلاله توفير البيئة السياسية والعسكرية للتواجد التركي لاسيما وأن وثائق ظهرت تؤكد تواجد عناصر تركية استخباراتية في محافظة شبوة.
الخطأ الأساسي وقع بتصديق بعض الجهات مناورة حزب «الإصلاح» بترويج المراجعة الفكرية التي تناقضها الأفعال والأقوال في واقع كل محطات «عاصفة الحزم»، فيكفي الإشارة إلى تسليم ميليشيات حزب «الإصلاح» لمحافظتي الجوف ومأرب دون مواجهة مع «الحوثي» مع تسليم قطع أسلحة ومعدات قتالية للعدو دون مساءلة عسكرية عن عمليات الاستلام والتسليم.
اللافت أن هناك حملة تتسع من كافة أذرع تنظيم «الإخوان» في العالم العربي لدعم فكرة استدعاء التدخل التركي في اليمن، هذه الحملة تندرج ضمن تكتيكات التنظيم الدولي التي كان قد استخدمها في مصر وليبيا وتونس واليوم يوظفها في اليمن، فالتنظيم الدولي يشعر أنه قد آن الأوان ليحصل اردوغان على خليج عدن ويفرض بالقوة العسكرية ضغطاً مشتركاً على السعودية ومصر ويقطع الطريق أمام فرصة الجنوبيين لفك ارتباطهم عن شمال اليمن.
*كاتب يمني