العنصرية ظاهرة بغيضة، لا بد من مكافحتها أينما كانت، ففي القرن الحادي والعشرين ينبغي أن تتخلص البشرية تماماً من كل ألوان التمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين، وجزء من العلاج هو الشفافية.
استوقفتني مقالة في «ناشونال ريفيو» لضابط شرطة، اسمه «جاك دنفي»، خدم في قسم شرطة لوس أنجلوس لأكثر من 30 عاماً، بعنوان: «مقتل جورج فلويد: رأي ضابط شرطة»، التي وضح فيها أن الجمهور أساء فهم أفعال الشرطة، لأنها غالباً ما يتم تشويهها عمداً في وسائل الإعلام، كما جاء في أعقاب حادثة جورج فلويد، حيث قدمت وسائل الإعلام «فلويد» على أنه ضحية بريئة لعنف الشرطة.
لقد ذكر «دنفي»، أن الرواية التي اعتُمدت عالمياً من خلال وسائل الإعلام، هي أن ضابط الشرطة «ديريك شوفين» قاتل عنصري، و«فلويد» شهيد العدالة الاجتماعية، فلا أحد يجرؤ على التشكيك بها، خاصة مع الفيديو الذي انتشر، لكن أكد الكاتب أن هناك أسباباً تدعو للتساؤل للبحث عن الحقيقة، فالفيديو الذي انتشر على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لم يوضح استدعاء الشرطة لـ«فلويد»، بسبب شرائه سجائر بنقود مزورة، وأنه كان يقاوم الشرطة بعد تقييد يديه، «فلويد» لم يصعد طوعاً في السيارة وصارع الضباط، من خلال السقوط المتعمد، ورفض الوقوف ساكناً.
ثم أبدى الكاتب استغرابه أن كلا من «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» عرضا جدولاً زمنياً للأحداث بالفيديو، لكن كلاهما تركا السؤال مفتوحاً عن كيفية انتقال «فلويد» من الوقوف على الجانب الأيسر لسيارة الشرطة إلى الاستلقاء على جانبها الأيمن، ثم تساءل دنفي: كيف يمكن التسرع باتهام «شوفين»، والاهتمام الإعلامي الساحق بالقضية من دون نشر اللقطات كاملة؟ هل يمكن أن يكون قد تم حذف اللقطات لأنها لا تدعم القضية ضد المتهمين؟ قانونياً يسمح لضباط الشرطة باستخدام القوة لإلقاء القبض، والتغلب على المقاومة، ومنع الهروب.
كما ذكر الكاتب أن محاميي الشرطي، ديريك شوفين، سيثبتون أن فلويد لم يمت بسبب تطبيق قوة غير قانونية، لكن الوفاة كانت بسبب مقاومته للقوة القانونية، حيث تفاقمت حالته بسبب ظروفه الصحية الموثقة وتعاطيه للمخدرات، التي أدت إلى نوبة قلبية قاتلة، السؤال يكمن هنا: هل الفشل كان في اتباع إجراءات الشرطة التي أسست لعقود من الزمن أو أن سبب الوفاة بسبب مقاومته للشرطة؟ ثم اختتم ضابط الشرطة مقاله أنه طوال السنوات الماضية لم تمر عليه شكوى جنائية بهذا الشكل، فالقتل تهمة جسيمة تتطلب أدلة جادة، لكنه لا يعتقد أن النيابة العامة لديها ذلك.
يتهم «الديمقراطيون» الشرطة بالعنصرية، فتارة يدعون إلى إصلاحها، وتارة إلى إلغاء تمويلها، لكن بغض النظر عن القرارات التي ستتخذ، لا يمكن معالجة أي مشكلة في ظل غياب الشفافية التي تمارسها وسائل الإعلام الأميركية، والانتهازية التي نشاهدها من قبل الساسة، ما يجب الحذر منه ألا ننجر وراء تلك الفوضى السياسية، والتهجم على الشرطة من دون معرفة التفاصيل، فلو خسر ترامب بسبب هذه الفوضى ستكون تداعياتها سيئة، لأن نجاح هذا الأسلوب الغوغائي، قد يشجع على إعادة هذا السيناريو في دول المنطقة.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي