الكثير من أنصار الرئيس دونالد يعتقدون أن الأرقام بخصوص وفيات فيروس كورونا مضخّمة، وترامب نفسه تقاسم تغريدة على تويتر تشكك في دقة بعض الأرقام المتعلقة بالفيروس.
والواقع أنه على حق في أن حصيلة الوفيات تبدو غير دقيقة – ولكن ليس في الاتجاه الذي يقصده.
فقد قمنا بعمليات حسابية، كل ولاية على حدة، ويبدو أن ما بين حوالي 100 ألف و110 ألف أميركي ماتوا نتيجة للوباء، بدلا من ال83 ألف الذين نُسبت وفاتهم إلى كوفيد 19.
هذه تقديراتي التي توصلت إليها بمساعدة خبير الإحصاء بجامعة هارفارد «رافاييل ايريزاري»، استناداً إلى مقارنة معدلات الوفيات هذا الربيع مع نظيرتها في السنوات السابقة. بعض الولايات لم تتأثر بالوباء إلى حد كبير – بل إن معدلات الوفيات في بعضها يبدو أنه انخفض، ربما بسبب قيادة السيارة بشكل أقل وتسجيل عدد أقل من حوادث السير – ولكن ولايات أخرى شهدت ارتفاعات ضخمة في الوفيات.
وبشكل عام، فقدت الولايات المتحدة في أكثر من شهرين بقليل بسبب فيروس كورونا من الأميركيين أكثر ممن فقدتهم على مدى سبعة عقود في حروب كوريا وفيتنام والخليج وأفغانستان والعراق.
وإليكم الطريقة التي توصلنا بها إلى تقديراتنا، إنها تقديرات غير نهائية لأنها مبنية على بيانات أولية، وأدعو إلى مناقشتها.
لا بد من التأكيد أولا على أن سبب الوفاة كثيرا ما يكون غير أكيد. ذلك أن معظم الأشخاص الذين يموتون لا تخضع جثثهم للتشريح، والكثيرون منهم لم يخضعوا أبدا لاختبار فيروس كورونا. وبالتالي، فإن العدد الدقيق لمن ماتوا جراء كوفيد 19 هو من بعض النواحي غير معروف.
غير أن طريقة متعارفا عليها لقياس تأثير وباء مثل هذا تكمن في النظر إلى «فائض الوفيات» أو «الوفيات الزائدة»، أي معدل وفيات أكبر من المتوسط لفترة زمنية معينة.
وعلى سبيل المثال، فبالنسبة للسبعة أسابيع التي تنتهي في 25 أبريل بالولايات المتحدة، مات نحو 70 ألف أميركي أكثر من الطبيعي بالنسبة لتلك الأسابيع (الموت موسمي وهو ينخفض عادة في الربيع والصيف). على أن عدد ال70 ألف الخاص ب«الوفيات الزائدة» لا يشمل ولايات كونيكتيكت وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا، التي استُبعدت بسبب البيانات المفقودة أو المريبة.
العدد الرسمي لوفيات كوفيد 19 في تلك الفترة بالنسبة لبقية البلاد كان 49 ألف و100. وهذا يشير إلى عدم تسجيل أكثر من 20 ألف وفاة مرتبطة بفيروس كورونا حتى 25 أبريل.
وإذا أضفنا هذه ال20 ألف حالة وفاة إلى إجمالي ال83 ألف حالة اليوم، يصبح المجموع هو أكثر من 100 ألف وفاة مرتبطة بالوباء. ولكن تسجيل عدد وفيات أقل من الواقع تواصل على الأرجح بعد 25 أبريل، وإن بمعدل أقل.
لا نملك بيانات جيدة بما يكفي بشأن معدل الوفيات من أجل تقييم «الوفيات الزائدة» في أواخر أبريل وأوائل مايو، وهي فترة تم التبليغ فيها عن وفاة أكثر من 30 ألف أميركي من جراء كوفيد 19. خلال هذه الفترة، ازدادت الاختبارات بشكل مهم، ومع الوقت بدا الأطباء أكثر استعدادا لإدراج كوفيد 19 باعتباره سبب الوفاة.
وفي مدينة نيويورك، وجدت دراسة نقصاً كبيراً في الإبلاغ عن الوفيات خلال النصف الأول من أبريل، قبل أن يأخذ في التقلص تدريجيا بحلول بداية مايو الماضي.
خلال الفترة التي نظرنا إليها، انخفض نقص تسجيل الحالات أيضا. ففي البداية، كان عدد «الوفيات الزائدة» يعادل ضعف عدد وفيات فيروس كورونا المبلّغ عنها، ولكن بحلول 25 أبريل، كانت هناك 40 في المئة أكثر فقط. ولو كان النقص في تسجيل الوفيات بعد ذلك هو 10 في المئة، فإن ذلك من شأنه أن يضيف بضعة آلاف إلى الإجمالي، ما قد يقرّبه من 110 آلاف.
هذه الأعداد غير مؤكدة، ولكن الاستنتاج هو أن نحو 25 ألف أميركي أكثر من العدد المسجل في الحصيلة الرسمية ماتوا نتيجة الوباء.
هذا النوع من التحليلات لا يستطيع تحديد ما إن كانوا ماتوا بسبب الفيروس بشكل مباشر أو غير مباشر. فبعضهم قضى على ما يبدو من جراء نوبات قلبية أو السكتة الدماغية لأنهم كانوا يخشون الذهاب إلى المستشفى وأجّلوا الاتصال بالإسعاف، أو لأن خدمات الإسعاف كان تتعرض لضغط هائل.
وبالنظر إلى حالة عدم اليقين وتأخر البيانات، قد يسأل سائل: لماذا الانخراط في تمرين تقدير الوفيات هذا؟ الجواب: لأن الأرقام المعيبة المبنية على نقص في تسجيل الوفيات باتت جزءا محوريا من النقاش، إذ تؤثر في قرارات السياسات، وترامب جعلها كذلك. فقد قال في 1 مايو: «لقد أنقذنا آلاف وآلاف الأرواح»، مضيفا «والمؤمل هو ألا نتجاوز سقف ال100 ألف حالة وفاة». وفي هذا السياق، ربما من المفيد الإشارة إلى أن هذا العدد قد تم تجاوزه منذ بعض الوقت.
كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/05/13/opinion/coronavirus-us-deaths.html