لا بد أننا صدمنا بالهجوم المباغت لوباء كورونا، ولا بد أننا شعرنا بخيانة الطبيعة لنا، ولا بد أننا أجلنا بفعل هذه الجائحة المؤلمة، الكثير من مشاريعنا الأسرية والذاتية في مجالات مختلفة، ولكن حب الحياة يبقى هو الأعظم ما في هذا الوجود.
حب الحياة يجعلنا نفكر بالحياة أكثر من أي شيء، بل وأكثر مما خسرناه، لأننا بهذا الحب نستطيع تعويض كل ما فقدناه، ونستطيع استعادة الفرح بكل بساطة، ونستطيع الجلوس على قمة الجبل، دون أن يلمس الوادي إبهامنا.
لا بد أن الكثير من الناس اليوم يتساءلون، قائلين وماذا بعد، وذلك لأنهم شعروا بالضجر من هذا الوباء المخادع، ولكن الأمر المهم الذي يجب أن نفكر فيه، هو كيف نتخلص من هذا التذمر، وكيف نخرج من الإدانة للمرض، ونعبر إلى حيث القبول بالأمر الواقع، ونستحضر السعادة حتى في أقصى حالات التعب، لأن السعادة هي الأصل، ولا يجب أن نفرط، وأن كل ما يطرأ علينا في الحياة ليس أكثر من موجة عابرة، وسوف تمضي، والبقاء لنا نحن البشر، لأننا رعاة الكون، ونحن بناة حضارته، ونحن الذين يتوجب علينا أن نحافظ على منجزاته، وكيف نستطيع أن نقوم بهذا الواجب الوجودي، إذا لم نطرد اليأس، ونقاوم الشدة، ونهزم الإحباط، ونكسر شوكة المرض بأسنان إرادتنا، وأظافر عزيمتنا، ونرفع رؤوسنا عالية، ونقول بالصوت الواحد والمرتفع، هيّا بنا نمضي، فهناك في المكان القريب من وعينا، يسكن الأمل، إنه يمد لنا يد التفاؤل، ويقول: تعالوا لنفسح الطريق لضوء الشمس كي يتسرب بين ضلوعنا، ونضيء ذلك الكامن في القفص الصدري، ونستكمل الطريق إلى حيث تكمن الغايات والطموحات الكبيرة.
فالوجود اختيار، وعدم الاختيار هو عدم الوجود، ونحن مطالبون بأن نختار حياتنا، ووجودنا، وألا ننكص إلى الكآبة والقنوط، والتبرم، نحن مطالبون بأن ننهض من تحت ركام هذا الفيروس الضئيل، والذي لا يرى بالعين المجردة، ونصافح الأمل، ونبتسم للحياة، وسوف تغدقنا بكل ما نريده، سوف تملأنا بالعطاء الجزيل، وسوف يصبح هذا الراهن ماضياً، وسوف نعيش نحن حاضرنا بكل لباقة وجدانية، وبكل أناقة مشاعر، وسوف يصفق العالم مبتهجاً لأنه انتصر على أسوأ كارثة إنسانية في هذا القرن.
سوف تشتعل هوليود بأفلام تؤرخ لهذا الوباء، كما وسوف تسجل البطولات التي قدمها البشر في هذه المواجهة الشرسة، وبخاصة الأطقم الطبية في كل أنحاء العالم.