يعد سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، واحداً من أهم المفكرين العرب المعاصرين، وهو بالفعل نموذج فكري ملهم، تمكن من كسب احترام الآخرين وتقديرهم، وقدم مساهمات فكرية جادة وبارزة على مدار أكثر من أربعة عقود من الزمان، حجز لنفسه من خلالها مكانة متميزة ضمن رواد الفكر العربي، وتتعدد طبيعة هذه المساهمات، ولكن أبرزها يتمحور حول أفكاره الخاصة بمكافحة التطرف الفكري لجماعات الإسلام السياسي، أو ما يسميها سعادته الجماعات الدينية السياسية، التي برزت على سطح الأحداث العامة بشكل غير مسبوق عقب ما يسمى الربيع العربي.
ويجسد كتاب «السراب»، الذي يعتبر، بحسب العديد من الباحثين والمختصين، من أهم الكتب العربية والعالمية في مجال مكافحة آفة التطرف والإرهاب التي غزت العالم في السنوات الماضية، أهم ما قدمه سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي من أفكار متكاملة وعميقة حول ظاهرة الجماعات الدينية السياسية، ويتميز هذا الكتاب بجرأة فكرية وشجاعة أدبية نادرة، جعلته أحد أبرز المساهمات الفكرية بشأن ظاهرة الإسلام السياسي، إن لم يكن أبرزها على الإطلاق، ومن ثم فلم يكن من المستغرب أن يحظى هذا الكتاب الموسوعي باهتمام واسع ليس فقط على الصعيد المحلي، بل على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضاً، حيث حاز الكتاب جائزة الشيخ زايد للكتاب، وهي الجائزة التي تحظى بتقدير كبير بالنظر للمعايير الصارمة التي تقوم عليها، ويسميها كثيرون «نوبل العرب»، كما تمت ترجمة الكتاب إلى العديد من اللغات، وهو ما يؤكد أهميته وعمق وشمول ما تضمنه من أفكار وطروحات حول قضية بالغة الأهمية.
ولعل النموذج الملهم الذي يجسده سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، وما يتمتع به كتاب «السراب» من قيمة كبيرة، كانا الدافع لترشيحهما لجائزة نوبل للآداب عام 2020، حيث إنه وفي إطار الحملة الأوروبية لمكافحة التطرف والإرهاب، رشحت جمعيات وشخصيات أوروبية وعربية سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، وكتابه «السراب»، لجائزة نوبل للآداب لعام 2020. وقد تم ترشيح سعادته للجائزة للعام الثاني على التوالي، ليمثل المفكرين والجهود الفكرية الحثيثة لمواجهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة والإرهابية التي تهدد المجتمعات والقيم الإنسانية، في هذه الجائزة العالمية المرموقة. وقد شارك أكثر من 70 خبيراً وأكاديمياً وسياسياً من: بلجيكا، وإيطاليا، وألمانيا، وهولندا، وروسيا، وفرنسا، وإسبانيا والسويد، في عملية الترشيح.
ومما لا شك فيه أن ترشيح سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، وكتاب «السراب» لجائزة نوبل للآداب عام 2020 يعد مبعث فخر لكل إماراتي، فهو يسلط الضوء على المساهمات الفكرية العميقة لمفكر عربي مسلم من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حفرت لنفسها وفي غضون عقود قليلة على تأسيسها، مكانة متميزة ومرموقة على خريطة العالم، تمكن من تقديم مساهمات فكرية بارزة تحظى باهتمام كبير إلى الدرجة التي يتم بناءً عليها ترشيحه لمثل هذه الجائزة المرموقة. وهذا الترشيح يسلط الضوء على المساهمات الكبيرة التي يقدمها المفكرون العرب، والتي لا تحظى باهتمام إعلامي كافٍ، على الرغم من جودتها وعمق ما تقدمه من طروحات فكرية، لا تقل أهمية بحال من الأحوال، بل تفوق في كثير من الأحيان، المساهمات الفكرية التي يقدمها مفكرون غربيون، والتي ينظر إليها البعض على أنها الوحيدة والحصرية التي يقدمها الفكر الإنساني المعاصر.
إن ترشيح سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وكتابه «السراب» يعتبر في حد ذاته حدثاً مهماً ولا بد أن يحظى بالاهتمام المستحق من قبل وسائل الإعلام العربي المختلفة، كما ولا بد أن يحظى هذا الترشيح بدعم كل الجهات المعنية في عالمنا العربي من مفكرين ومنظمات ومؤسسات مختلفة.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية .