لمعالجة جائحة فيروس كورونا، من الضروري التأثير في السلوك البشري ودعم التباعد الجسدي، وجعل الناس يرتدون الكمامات وتشجيعهم على البقاء في البيوت. وقد فرضت دول كثيرة أوامر رسمية بهذا الشأن. لكن يتعين تنبيه الناس عند فرض أوامر والترويج لخيارات آمنة، من خلال أساليب جذابة. ولتنظيم الجهود الحالية والمقبلة، يمكن وضع إطار عمل يتمثل في كلمة FEAST. وقد بدأت الفكرة في إطار عمل EAST من فريق الاستبصار السلوكي في المملكة المتحدة، والكلمة مؤلفة من الحروف الأولى لكلمات easy (سهل) وattractive (جذاب) وsocial (اجتماعي) وtimely (في حينه). فإذا أردت من الناس القيام بشيء، فأجعله سهلاً عليهم. ويتعين أن يعرفوا ما الذي سيفعلونه وكيفية ذلك، ويجب ألا يكون مرهقاً أو مؤلماً أو مكلِّفاً. فعلى سبيل المثال، يعزز الإدراج التلقائي في خطط الادخار أو الطاقة الخضراء.. معدلات المشاركة لأنه سهل للغاية. وحين يكون الهدف هو تغيير السلوك، من السهل تخطي أفضل سؤال وهو: لماذا لا يغير الناس سلوكهم بالفعل؟ وبعد الحصول على إجابة، يستطيع المسؤولون العموميون والموظفون والمدرسون وغيرهم اتخاذ خطوات لإزالة العراقيل.
والجاذبية مهمة في الخيار أو الرسالة. فالقيام باتصال بسيط وحيوي له تأثير أكبر من الاتصال المعقَّد والمفتقر للحيوية. وفيما يتعلق بـ«كوفيد - 19»، استغل المسؤولون في أيرلندا هذا الفكرة استغلالاً ممتازاً على لافتات معلوماتية قوية. والشيء نفسه تقريباً في نيوزيلندا. والناس يميلون إلى التأثر بما يفعله الآخرون، ومن ثم يتضمن نهج التعامل الطابع الاجتماعي. فإذا علم الناس أنهم يحافظون على طاقة أقل من الأشخاص الآخرين، فإنهم يبدؤون في السعي من أجل الحفاظ على كم أكبر من الطاقة. فنشر المتعارف عليه الحالي أو المتعارف عليه الجديد يمكن أن يغير السلوك كثيراً. ورسالة نيوزيلندا، وهي «اتحدوا ضد كوفيد - 19»، كانت بارعة في هذا الصدد. والتوقيت هو كل شيء. وغالباً يكون أفضل شيء هو إمداد الناس بمعلومات تتضمن تحذيرات قبل أن اتخاذ القرارات، وليس حين تكون أذهانهم منشغلة بشيء آخر. ومع تخفيف الدول أوامر البقاء في المنازل وإغلاق الأنشطة الاقتصادية، فإن الرسائل المتعلقة بالصحة يجب ترتيبها حتى يراها الناس على الفور قبل أن يتخذوا قرارات تتعلق بالصحة. وبالنسبة لمتخذي قرارات السياسة على امتداد العالم، فإن نهج EAST أثبت فعاليته. لكنه يفتقر لشيء أساسي ألا وهو المرح Fun. وبالتالي فإن تعديلي المتواضع القائم على أدلته هو إضافة F إلى EAST لتصبح FEAST.
وعلى سبيل المثال، كيف يمكننا تشجيع الناس على تناول مزيد من الخضراوات؟ جربت دراسة من «جامعة ستانفورد» وسيلتين مختلفتين، الأولى تضمنت ملصقات تؤكد على الفوائد الصحية، والثانية اعتمدت على ملصقات تؤكد على روعة الطعم والاستمتاع به. وحققت الوسيلتان نفعاً، لكن التنبيه إلى الاستمتاع أثبت أنه محفز أقوى. فالملصقات التي ركزت على الصحة أدت إلى زيادة استهلاك الخضراوات بنسبة 14%، وهي نسبة جيدة إلى حد بعيد، لكن الملصقات التي ركزت على الاستمتاع عززت استهلاك الخضراوات بنسبة 29% وهذا رائع جداً.
وخبراء التسويق يدركون بقوة أهمية الاستمتاع والمرح. فمثلاً تبيع أمازون منتجات معينة بالإعلان عما تطلق عليه «تغليف بلا إحباط». وهذا يعني أنه لا يوجد في التغليف الكثير من البلاستيك أو الخيوط أو الكرتون قبل الحصول على المنتج. لكن الأفضل من هذا، اتضح أن التغليف غير المحبط هذا هو تغليف أخضر أيضاً به القليل من النفايات الصلبة ومواده يمكن إعادة تدويرها. فالشركة تقوم بمراهنة سلوكية ذكية هي أن فكرة التغليف «بلا إحباط» ستجعل المستهلكين يبتسمون وهو محور جذب أكبر بكثير مما كانت ستحفزهم فكرة الاستدامة.
«الجائحة» ليست شيئاً مرحاً، لكنّ المسؤولين يمكنهم إشاعة شعور بالتفاؤل والاتحاد والأمل بدلاً من اليأس والغضب والفرقة والخوف. واستطاعت رئيسة وزراء نيوزيلندا (جاسيندا اندرين) أن تضفي بعض البهجة على الإغلاق بدعابتها أثناء الحديث عنه. ونجحت نيوزيلندا بصفة عامة في مواجهة الجائحة ليس فقط بالعزم، ولكن أيضاً بالفطنة والدعوة إلى الاتحاد، مع التأكيد على أن البلاد تمثل «فريقاً من خمسة ملايين»، وإشاعة شعور متسق من الابتهاج. ونصيحة البلاد المحورية كانت «كن عطوفاً».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»