سعت دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال إطلاقها «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي» في نوفمبر 2018، إلى تطوير منظومة وطنية شاملة، تمكّن من إنتاج الغذاء المستدام، وتحدد عناصر سلة الغذاء الوطنية، بـ18 نوعاً رئيساً، وفق معايير رئيسية ثلاثة، هي: معرفة حجم الاستهلاك المحلي لأهم المنتجات، والقدرة على الإنتاج والتصنيع، والاحتياجات الغذائية، حيث تتضمن الاستراتيجية من خلال 38 مبادرة، وضمن رؤية عام 2051، وأجندة عمل لعام 2021، العمل على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة، بما يجعل الدولة ضمن أفضل 10 دول بحلول عام 2021، والأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051.
وتأكيداً على أن دولة الإمارات تسير وفق منظومة ناجحة في تطوير إنتاج محلي مستدام، ممكّن بالتكنولوجيا والتقنيات الذكية، تمكنت وزارة التغير المناخي والبيئة مؤخراً، وبالتعاون مع إدارة التنمية الريفية التابعة لوزارة الزراعة والأغذية والشؤون الريفية في جمهورية كوريا الجنوبية، وجامعة الإمارات، من تحقيق تجربة تعد الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بنجاح التجارب الأولية لزراعة أصناف من الأرز في البيئة الصحراوية، بما يعزز استدامة سلاسل إمداد الغذاء ويشجع الأبحاث الابتكارية، حيث أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، بهذه المناسبة، أن العمل دائم ومتواصل على تنفيذ برامج ومشاريع تواكب مستهدفات الدولة، وتوجيهات ورؤية قيادتها الرشيدة، كما تم اختيار صنفين من الأرز للزراعة، هما «جابونيكا وإنديكا» لقدرتهما على تحمّل درجات الحرارة العالية.
وجاء مشروع تجربة زراعة الأرز ليسهم في تعزيز تنوع سلة المحاصيل المحلية مستقبلاً، وخاصة في المحاصيل التي تتطلب ظروفاً غير اعتيادية، حتى يتم اختبار تكيفها مع طقس ومناخ الدولة، في منشآت ومواقع لازمة لزراعة الأرز، تتم فيها إدارة المنظومة التجريبية الحقلية للزراعة، والإشراف والتقييم الميداني لعملية الزراعة والإنبات وفقاً لمنهجية علمية متفق عليها، وأركان أساسية تعزز من قدرات البحث والتطوير، وتبني التقنيات الابتكارية في مجال الغذاء.
لقد أثبتت دولة الإمارات قدرتها خلال السنوات الماضية على مواجهة التحديات والتحول إلى دولة آمنة غذائياً، وهو ما يتجسد بالمرحلة التي يعيشها العالم في ظل وباء كورونا المستجد، حيث أكدت منظومة الغذاء في الدولة جاهزيتها العالية بتأمين إمدادات الغذاء وإتاحتها للمستهلكين في كل الأسواق، وذلك بفضل النهج الاستباقي، وتبني حزم من الإجراءات التي عززت الأمن الغذائي للدولة خلال الأعوام الماضية، وحققت الاستدامة في مجال الغذاء، وذلك بحسب معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة الدولة للأمن الغذائي، ضمن فعاليات اجتماع حكومة دولة الإمارات، الذي عقد مؤخراً حول «الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19»، مشيرة خلاله إلى جاهزية مراكز الدولة الجمركية لتسيير حركة تجارة المواد الغذائية، بما يعزز من موقع دولة الإمارات في مؤشر الأمن الغذائي العالمي.
إن إصرار الدولة على استدامة وتنوع الغذاء، خلال السنوات العشر الماضية، مكَّنها من التعامل مع الأزمات على نحو أفضل؛ فبالإضافة إلى صدور قانون المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية حديثاً، الذي تم اعتماده لتعزيز الاكتفاء من احتياطي السلع الغذائية الرئيسية في مختلف الظروف، تم تأسيس تحالف للأمن الغذائي يتألف من 14 شركة وطنية، وضخ استثمارات كبيرة في الإنتاج الزراعي وسلاسل إمداد الغذاء، والعديد من المبادرات والمشروعات التي جعلت من سكان دولة الإمارات، مواطنين ومقيمين، ينعمون بالطمأنينة بشأن كفاية الغذاء وجودته، واثقين بأنهم يعيشون في دولة تسعى إلى قيادة الجهود العالمية في استخدام الحلول المبتكرة اللازمة لزيادة الإنتاج الغذائي المعزز بالتكنولوجيا، وتعزيز أدوات الذكاء الاصطناعي، لتطوير الصناعات الغذائية خلال السنوات القليلة المقبلة.   

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.