احتفلت دول العالم المختلفة، أمس الجمعة، بيوم البيئة العالمي الذي يحل في الخامس من يونيو كل عام، وتجسد هذه المناسبة الاهتمام الكبير الذي تحظى به قضايا البيئة على الصعيد الدولي، وبخاصة خلال العقود الأخيرة التي باتت فيها البيئة مهددة بالعديد من المخاطر الجسيمة، التي يجب التصدي لها بكل قوة وصلابة، للحيلولة دون تفاقمها على نحو يهدد سلامة كوكب الأرض وصحة البشر الذين يقطنونه.
وفي الواقع، فإن منظمة الأمم المتحدة قد أدركت ومنذ وقت مبكر الأهمية الحاسمة للتعاون الدولي وضرورة حشد جهود دول العالم كلها لمواجهة كل ما يهدد البيئة من مخاطر متصاعدة، فاعتمدت منذ عام 1974 يوم 5 يونيو من كل عام بوصفه اليوم العالمي للبيئة، وهو اليوم الذي يتم اتخاذه كمنصة عالمية للتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة وكيفية مواجهة ما يهددها من مخاطر مختلفة.
وقد شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة أمس دول العالم الاحتفاء بيوم البيئة العالمي، في ظل الاهتمام الكبير الذي تحظى به قضايا البيئة على صعيدنا الوطني، وهو اهتمام تزامن مع نشأة الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان واحداً من أهم أنصار البيئة والمدافعين عنها، وتكرس هذا الاهتمام من خلال جهود كبيرة ومتواصلة بذلتها الجهات المعنية، شملت وضع مجموعة من القوانين والتشريعات والاستراتيجيات لضمان الاستدامة البيئية، وثمة علامات مهمة لجهود دولة الإمارات للحفاظ على البيئة، من أهمها أنه في عام 2017، أطلقت الدولة استراتيجيتها للطاقة 2050 التي تعتبر أول خطة موحدة للطاقة في الدولة توازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في جميع القطاعات.
والحاصل أن دول العالم قاطبة تدرك الأهمية البالغة لحماية البيئة، وأن الحفاظ عليها هو التزام وليس اختياراً، وثمة جهود كبيرة
ومتواصلة تبذل في هذا السياق لتحقيق الاستدامة البيئية، على نحو يسهم في المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية المتنوعة ومواجهة المخاطر التي تهدد هذه الموارد، وتحول دون وجود بيئة ملائمة لحياة الإنسان على كوكب الأرض، ولكن المطلوب هو مضاعفة هذه الجهود، وهذا يتطلب في المقام الأول تفعيل دور المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على البيئة، من خلال توفير التمويل اللازم لها، حيث يعد التمويل ضرورة أساسية لعمل المنظمات الدولية بشكل عام، ومن المؤسف أن هناك دولاً تتكاسل في دفع مساهماتها المالية لهذه المنظمات، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي كبير في أداء تلك المنظمات وفعالياتها.
وفي ظل تنامي المخاطر التي تهدد البيئة خلال العقود الأخيرة، يبدو تعزيز التوافق الدولي من خلال اتفاقيات دولية أكثر مرونة وفعالية ضرورة أساسية، ومن المؤسف أنه في الوقت الذي تجمع فيه دول العالم المختلفة على أهمية الحفاظ على سلامة البيئة وصيانتها من كل ما يهددها وعلى أهمية التعاون الدولي الفعال لتحقيق هذا الهدف، فإن هناك خلافات كبيرة بين هذه الدول تحول دون تحقيق التعاون المطلوب، وتنبع هذه الخلافات من حرص كل دولة على تحقيق مصالحها الخاصة من دون اعتبار لما يمكن أن يسببه ذلك من تأثيرات سلبية في البيئة، وهذا تفكير خطأ قطعاً، حيث إننا نعيش في كوكب بات أشبه بقرية صغيرة، وما يتعرض له من أخطار، سوف تكون له انعكاساته السلبية على كل دول العالم، إن لم يكن اليوم، فغداً.
إن سلامة البيئة ومواجهة كل ما يهددها من أخطار متعددة بكل حسم وقوة، يجب أن يكونا أولوية أساسية لدى كل دول العالم، كما يجب أن يكونا على قمة أولويات التعاون الدولي، من أجل تأمين سلامة كوكب الأرض، الذي بات يعاني بشكل غير مسبوق خلال المرحلة الراهنة، على نحو يهدد حياة البشرية، التي تواجه في الوقت نفسه تحديات كثيرة أخرى.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.