قال «جورج باتون» قائد الجيش الثالث في ربيع عام 1944: «الأميركيون يلعبون للفوز طوال الوقت. لهذا السبب لم يخسر الأميركيون ولن يخسروا حرباً أبداً. وفكرة الخسارة نفسها هي فكرة كريهة للأميركيين». كان هذا في وقت آخر وفي بلد آخر. عندما تحدث باتون كانت الولايات المتحدة ما تزال صاعدة، وكانت في طريقها لتصبح قوة عظمى. لكن بمجرد أن اكتمل صعودها، أصبحت صناعة الحرب لديها إدارية ومتثاقلة وموجهة نحو طريق مسدود. من فيتنام إلى العراق إلى أفغانستان إلى جميع نزاعاتها الأخرى.. نادراً ما كانت لدى الطريقة الأميركية للحرب خطة للفوز.
وتلك الورطات الخارجية هي في الغالب حروب اختيارية، أما الكفاح ضد فيروس كورونا فهو حرب ضرورية. لكن رغم أن هذا المعتدي يقتل المدنيين ويصطدم باقتصادنا على نطاق لم نشهده في أي من حروب القرن العشرين، فإننا نتجه الآن نحو نفس النوع من الاستراتيجية غير الباتونية (نسبة إلى باتون) التي اتبعناها في صراعات أخرى.
إننا نحتوي الفيروس، ونحد من الضرر، ونمنع أسوأ السيناريوهات، لكننا لا نحاول القضاء عليه بالفعل. وبدلاً من ذلك، نحن في طريقنا للعيش معه (وأحياناً الموت معه) حتى نحصل على لقاح أو نحقق المناعة للجميع، ونؤثر الإدارة والتخفيف على القمع.
واستراتيجيتنا لا تتمثل في الكارثة المطلقة، والإحراج الوطني الناجم عن رؤية أعداد المصابين لدينا. فما يزال معدل الوفيات لدينا أقل منه في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا. ونظامنا الصحي المتباطئ في الاختبار تغير الآن وأصبح معدل الاختبار فيه يعادل نظيره في ألمانيا. ولم ينحنِ منحنى الوفيات عندنا بنفس سرعة البلدان الأكثر تضرراً، لكنه ينحني وأسرع مما هو عليه في كندا.
لقد نجت ولايات مثل فلوريدا وجورجيا من الكوارث المتوقعة حتى الآن، ولا تزال تجربة نيويورك وباءً كبيراً في حد ذاتها. وفي الواقع، يمكنك القول إنه إذا كان «أندرو كومو»، حاكم نيويورك، و«بيل دي بلازيو»، رئيس بلديتها، قد شرعا في التصرف قبل أسبوع واحد، لكانت أميركا ستبدو أفضل بكثير من نظيراتها في أوروبا الغربية. لذا، فالولايات المتحدة في عصر فيروس كورونا ليست هي «الدولة الفاشلة» التي صورها «جورج باكر» في مقاله بمجلة «أتلانتيك». لقد كان البيت الأبيض برئاسة ترامب غير فعال بشكل متوقع، لكن الكونجرس الذي يعاني من الجمود وجد مع ذلك طريقة لتمرير فواتير إنفاق كاسحة، وتحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي بسرعة أكبر مما كان عليه في الأزمة الأخيرة للحفاظ على الاقتصاد من الانهيار. وفي هذه الأثناء، تصرف الأميركيون العاديون بشكل مسؤول، وحافظوا على التباعد الاجتماعي قبل أن يطلب منهم ذلك، وتقبلوا إغلاقاً غير مسبوق مع احتجاجات هامشية فقط، والتزموا بالخروج بحذر شديد.
نحن قادرون تماماً على تجنب الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، ولدينا من المرونة ما يكفي للتشويش على حقبة من الموت الجماعي، لكن ليس لدينا من الحنكة والطموح ما يكفي، وهكذا فقدراتنا محدودة عندما يتعلق الأمر بتحقيق ما هو أكثر من مجرد الاستقرار لآلاف الوفيات كل أسبوع أو شهر.
ومن المسلّم به أننا لا نعرف بالضبط كيف يمكن القضاء على الفيروس من دون علاج. فهناك الكثير من الألغاز المصاحبة لهذا المرض، والذي نجت منه بعض الدول والمناطق ربما لما تتمتع من عوامل مثل المناخ الدافئ المشمس وعمر الشباب وبعض المناعة غير القابلة للتفسير.
بيد أنه ما زال بإمكاننا النظر في بعض الإجراءات المعقولة، مثل استخدام أقنعة الوجه وإجراء الاختبارات واقتفاء أثر المرض والحجر الصحي الإلزامي.
لقد أتيح لنا الوقت مرتين لتوسيع قدراتنا في هذه المجالات، في شهر فبراير، ثم في أسابيع الإغلاق. وقد حققنا بعض التقدم، رغم أنه توقف. لكن افتراض عدم الجدوى يخيم على هذه الجهود. وربما يتم تبرير بعض هذه الانهزامية على أنها حكم بعدم قدرة دونالد ترامب على قيادة أي نوع من أنواع الحرب. وربما يمكن تبريرها كحكم على قدراتنا الصناعية الجوفاء، وعدم القدرة على التحول من صنع أشباه الموصلات إلى صنع الأقنعة والمستلزمات الطبية.

*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL
https://www.nytimes.com/2020/05/12/opinion/coronavirus-quagmire.html